أظفرني بك وأعلاني عليك، وجعل جدك الأسفل، فله الحمد على إعزاز أوليائه وإذلال أعدائه، وقد عزمت على الرحيل عن بلدك إلى بلاد الشام، فابعث إلي ما صالحتني عليه فإني راحل عن قريب إن شاء الله. قال: فكتب إليه إليون: للأمير مسلمة بن عبد الملك من إليون ملك الروم، أما بعد، فقد بعثت إليك عشرين ألف ألف درهم وخمسة آلاف رأس من البقر والغنم وخمسة آلاف أوقية من الذهب وألف رمكة بفحولها، وبتاج من الذهب مرصع بالجوهر لك خاصة دون أصحابك، وأنا أسألك أيها الأمير أن تفي بما ضمنت وترحل عن هذه الجزيرة وتقيم حيث شئت من أرض الروم - والسلام - (1). قال: فلما أتاه الكتاب وورد عليه تلك الأموال وذلك التاج، عمد مسلمة إلى ذلك التاج فباعه في العسكر وضمه إلى تلك الأموال، وأخرج من ذلك كله الخمس، وقسم باقي ذلك في المسلمين.
ثم أمر مناديه، فنادى في الناس فجمعهم وخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! أعلمكم أني في غمرات وغموم منذ بضع عشرة (2) سنة، ولم أخبركم بشيء من ذلك مخافة أن تفشلوا عن قتال عدوكم ولعله قد بلغكم بعض ذلك، أعلمكم أني لما عبرت هذه الجزيرة وأمرتكم ببناء هذه المدينة ورد علي الخبر بموت أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، فكتمتكم ذلك مخافة العدو، ثم ولى الناس أخي الوليد بن عبد الملك، فأقام في ملكه تسع سنين وثمانية أشهر وأياما،