وقتلهم لأصحابه، وقد أعطى الله عهدا وميثاقا لئن ظفر بهم وظهر عليهم أن يبيرهم أو يدير الأرحية بدمائهم فيطحن ويخبز من الطحين ويأكل من ذلك الخبز. قال: وبلغ ذلك المرزبان فخرج عن جرجان هاربا حتى صار إلى قلعة (1) له في الجبل فتحصن بها، وهي قلعة بين غياض (2) ملتفة ليس لها إلا طريق واحد. قال: وعلم يزيد بن المهلب أن المرزبان قد خرج وصار إلى القلعة، فأقبل يزيد حتى نزل عليه وحاصره أربعة أشهر (3) لا يقدر منه على شيء وقاتلهم مرارا ونصب عليهم المجانيق (4) فلم يقدر من القلعة على حيلة.
فبينما يزيد بن المهلب على ذلك من شأنه وقد تطاول نزوله على القلعة إذ خرج رجل من أصحابه من أهل طوس يقال له الهياج بن عبد الرحمن الأزدي إلى الصيد ومعه كلب، فنظر إلى ظبية أو وعل يتوقل في الجبل، فتبعه الأزدي في طريق على مثل شراك النعل وقد كان معه قوم من أهل العسكر، فقال لهم: قفوا مكانكم حتى أرجع إليكم فوقفوا له في موضع أشب كثير الشجر والشوك والوغل. قال:
والهياج بن عبد الرحمن يتبع الوعل ويتوقل في الجبل، فلم يزل كذلك حتى اطلع على القلعة من طريق خفي [و] وعر، فلما عاين ذلك انصرف راجعا، وخشي أن يشتبه عليه الطريق، فجعل يخرق (5) ما عليه من الثياب ويجعله على الشجر علامات، ولم يزل كذلك حتى انتهى إلى العسكر، ثم أقبل إلى عامر بن أينم (6) الواشجي صاحب شرطة يزيد بن المهلب، فذهب ليدخل إليه فمنعوه من الدخول، فصاح وقال: عندي نصيحة، فدعا به عامر بن أينم (7)، ثم قال: هات ما عندك من النصيحة، فقال: تحب أن تدخل هذه القلعة بلا قتال؟ قال: نعم، قال: فأدخلني على الأمير، فجاء به حتى أدخله على يزيد، فقال: أيها الأمير! ما لي عندك إن أخذت لك هذه القلعة بلا قتال؟ قال: لك عندي عشرة آلاف دينار، قال: فعجل