وسار إليهم سليمان الديلمي من قبل الأصبهبذ في جيش عظيم، فالتقى القوم واقتتلوا قتالا شديدا، فقتل سليمان الديلمي، قتله ابن أبي سبرة الجعفي، وانهزم الكفار هزيمة قبيحة حتى اشتدوا في الجبل وأتبعهم المسلمون، قال: فسار الكفار إلى رؤوس الجبال فجعلوا يرمون المسلمين بالحجارة والنشاب. قال: ثم وقعت الهزيمة على المسلمين فانهزموا حتى صاروا إلى يزيد بن المهلب وقد قتل منهم جماعة.
قال: وأخذت عليهم المضايق والشعاب والطرق.
ثم كتب الأصبهبذ صاحب طبرستان إلى المرزبان صاحب جرجان بأنا قد قتلنا يزيد بن المهلب وأصحابه فاقتل أنت الان ومن يليك من العرب. قال: فعطف المرزبان وأصحابه على المسلمين بجرجان وهم أربعة آلاف فقتلوهم عن آخرهم (1) حتى ما أفلت منهم أحد وفيهم خمسون رجلا من بني عم يزيد بن المهلب. قال:
وبلغ ذلك يزيد بن المهلب. قال: وقد أخذت عليه الطرق والمضايق، فعظم ذلك عليه وأسقط في يده. قال: فدعا بكاتب له يقال له عبد الله بن الحارث العجرمي وقد كان يزيد غضب عليه قبل ذلك بخراسان واستعفاه ووضع الجامعة (3) في عنقه ثم رضي عنه بعد ذلك، قال: فعزم يزيد على أن يوجه به إلى الأصبهبذ، فقال له:
أتوجهني إلى هذا الرجل وأثر الجامعة في عنقي! قال: فلم يرسله يزيد وضاق به الامر ولم يدر ما يصنع، ثم إنه دعا برجل يقال له حيان النبطي مولى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان حيان هذا أصله من الديلم، وإنما قيل له نبطي لأنه كان ألكن لم يكن عنده عبارة ولكن كان له تدبير فدعاه يزيد بن المهلب وقال له: أبا الغمر (3)!
إني قد كنت أسأت إليك بخراسان وأغرمتك وأخذت مالك، والآن قد احتجت إليك فلا يمنعك ما كان مني إليك من نصيحة المسلمين، إنه قد جاء من خبر جرجان ما قد علمت، وقد أخذ علينا هؤلاء الطرق كما ترى، فانظر لله وللمسلمين، قال فقال له حيان النبطي: أيها الأمير! إنه إن كان منك إلي ما كان فإني لم أترك النصيحة للمسلمين إن شاء الله.