أريد وإلا فعلت وفعلت. فلما وصل الكتاب إلى يزيد وقرأه غضب وشتم وكيعا أقبح الشتيمة ثم سار حتى دخل الري فأقام بها ثلاثة أيام، ثم سار منها سيرا حثيثا. حتى إذا تقارب من مدينة مرو نادى المنادي في المدينة: ألا! إن الأمير قد أقبل، فمن أراد استقباله فليخرج، قال: فخرج الناس لاستقبال يزيد بن المهلب وخرج وكيع بن أبي سود فيمن خرج، وأقبل يزيد حتى دخل مدينة مرو فنزلها، وبعث إلى وكيع فدعاه وقال: أتكتب إلي وتبدأ باسمك قبل اسمي وتقول في كتابك ما تقول! والله لأقتلنك! فقال وكيع: لا تفعل ذلك لأنك شجاع وأنا شجاع، ولو كنت جبانا لقتلتني. قال: فشتمه يزيد وتهدده، فقال له وكيع: أما والله لقد علمت أنه ما وطأ لك البلاد ولا مهد لك الفرش غيري! ولو قدمت على قتيبة وإخوته وبني عمه لوجدت حسابهم خشنا، قال فقال له يزيد: يا عدو الله! أد مال الله الذي أخذت من كور خراسان، فقال: وهل كنت خائن (1) الله أيها الأمير؟ قال: فحبسه يزيد وحبس عماله وحاشيتهم وعذبهم بالدهق، فأنشأ عبد الله بن همام (2) السلولي يقول في ذلك:
خذ العفو واصفح يا يزيد فإنني * رأيت ثواب الله خيرا وأفضلا ولا تسمعن قول الوشاة فإنهم * يودون لو يسقى الرعاف المثملا خف الله في قوم تووا منذ خفتهم * يرجون عدلا من لدنك مؤملا وأنت ثمال يا يزيد فلا تكن * عليهم عذابا بالبلاء موكلا قال: ثم عزم يزيد على الغزو فضم جنده إلى ابنه مخلد، فغزا مخلد بالناس أرض الترك حتى صار إلى حصن لهم حصين وفيه من الترك خلق عظيم. قال:
فجاورهم مخلد بن يزيد وهم ينظرون إليه كأنه يريد إلى غيرهم مكيدة منه لهم، حتى إذا بعد عنهم كر عليهم في أصحابه (3)، فقتل منهم من قتل، وبادر الباقون إلى مدينتهم فدخلوها، وهي مدينة عظيمة - وأخذوا أموالها (4) وقليلها وكثيرها وأخذوا جميع ما كان في المدينة وسبوا منها سبيا كثيرا وغنموا غنائم خطيرة. قال: وأتى