قال: ودخل عبد الله بن حوذان الأزدي إلى قتيبة فاحتز رأسه (1) ومضى به إلى الأزد. قال: وطلب وكيع بن أبي سود الرأس، فقيل له: إن رأس قتيبة وخاتمه قد صار إلى الأزد، قال: فغضب وكيع ثم قال: لا والله لا أبرح أو أوتى بالرأس! وإلا ألقحت بها فتنة صماء، وإلا ذهب رأسي مع رأسه. قال فقال بعض أصحابه (2): يا أبا المطرف! فإنك تؤتى بالرأس فلا عليك! قال: وأقبل رجل من الأزد إلى قومه فقال: أحمقى أنتم! بايعنا رجلا وقلدناه أمورنا وعرض نفسه للتلف وتأخذون أنتم الرأس؟ احملوا إليه الرأس حتى يصنع به ما يشاء، قال: ثم أقبلوا بالرأس إلى وكيع وقالوا: يا أبا المطرف! إن هذا الذي احتز الرأس - وأومأوا إلى عبد الله بن حوذان أو عبد الله بن علوان، قال: فأمر له وكيع بثلاثة آلاف درهم، ثم بعث بالرأس إلى سليمان بن عبد الملك بن مروان مع رجل يقال له سليط بن عطية (3) الحنفي وأنيف بن حسان (4) العدوي في رجال من قومها، وكتب إليه يعلمه بقصة قتيبة بن مسلم وما كان من خلعه وعصيانه، فأنشأ عبد الله بن جمانة الباهلي يقول في ذلك أبياتا مطلعها:
علام تلوم عاذلتي سفاها * وتلحاني وما أنا بالمليم إلى آخرها.
قال: وجعل الناس يسلبون من قدروا عليه من قبائل باهلة، فأقبل قوم من قيس عيلان إلى عبد الرحمن بن عبد الله القسري (5)... إلى وكيع فقال: أبا المطرف! إنكم قد قضيتم شأنكم من قتيبة فعلى ماذا يسلب الناس؟ قال: فأرسل وكيع مناديه، فنادى في العسكر: ألا! من أخذ شيئا من سلب باهلة ولم يرده فقد حل دمه. قال: فرد الناس ما كان في أيديهم من السلب، قال: وأتي وكيع برجل قد سلب باهليا فقال له: أسلبته بعد ما سمعت النداء؟ ثم قدمه وكيع فضرب عنقه.
قال: وكان وكيع هذا من أخمر الناس، غير أنه كان فارسا بطلا لا يقوم له أحد عند