إليه فخبره بذلك، فقال قتيبة: عد إليه! فقال الرسول: أصلحك الله! فإني قد رأيت برجله شيئا لا يقدر على الركوب ولا أظن ذلك الوجع إلا قاتله، فقال قتيبة: لا شفاه الله مما به! عد إليه فأتني به على سرير محمولا، فرجع الرسول إليه فقال له:
يقول لك الأمير: إن لم تقدر على الركوب فتحملك الرجال على السرير، فقال وكيع: إن الرجال يحركونني على السرير فتزداد علتي هذه، قال: فرجع الرسول إلى قتيبة فأعلمه ذلك، فقال قتيبة: يا غلام! قل لشريك بن الصامت (1): فلينطلق إليه وليأتني به سحبا على وجهه، قال فقال ثمامة بن ناجذ (2) العدوي: أنا آتيك به أصلح الله الأمير! قال: ثم أقبل ثمامة إلى وكيع فقال له: كن على أهبة فإن الرجل قد عزم على أخذك، قال: ثم قعد ثمامة عند وكيع فلم يرجع إلى قتيبة، فقال قتيبة:
أين شريك بن الصامت؟ فقال: ها أنا ذا أصلح الله الأمير! فقال: اذهب إلى وكيع فأتني به سحبا على وجهه، فإن امتنع عليك فجئني برأسه. قال: فقام هريم بن أبي طحمة التميمي فقال: أنا آتيك به أصلح الله الأمير! قال: وقام جماعة من بني تميم فقالوا: نحن نأتيك به أو برأسه أيها الأمير! فلا تقلق. ثم ركبوا إلى وكيع فقالوا له:
قم وإلا هلكت وأهلكتنا معك، قال: فدعا وكيع بسكين فقطع ما كان على ساقه من الخرز، ثم جعل يرتجز ويقول:
شدا على من رامني لا انكشف * يوما لهمدان ويوما للصدف (3) قال: ثم دعا بسلاحه ودرعه فتدرع وتقلد سيفه وتناول رمحه، ونادى في الناس فكأنهم إنما كانوا على أهبة، ثم مضى وحده نحو فسطاط قتيبة وهو يقول:
سنجنح حمل مكروهة * شدلها الشرسوف والقاصعا (4)