مسلم فاتقى على نفسه لما كان ارتكب من آل المهلب في ولاية الحجاج، فنادى في الناس فجمعهم إليه ثم قال: أيها الناس! إن خليفتكم الوليد بن عبد الملك قد مضى لسبيله كما قد علمتم، وقد صار الامر إلى أخيه سليمان بن عبد الملك، وقد علمتم منزلة يزيد بن المهلب منه، وقد بلغني أنه قد ولي هذا البلد وأنا أكره أن أكون في بلد وفيه مثل يزيد بن المهلب، وأنا ناظر في أمري بعد هذا - والسلام - (1).
ثم دخل قتيبة إلى رحله وكتب إلى سليمان بن عبد الملك يهنئه بالخلافة ويعزيه عن أخيه الوليد، ووجه بالكتاب مع رجل من الأزد، فلما ورد كتاب قتيبة على سليمان بن عبد الملك وقرأه أقبل على الرسول فقال: كيف رأيت قتيبة؟ فقال: يا أمير المؤمنين! رأيته كارها لولاية يزيد بن المهلب خراسان، وأظنه سيخالف على أمير المؤمنين. قال: فكتب سليمان إلى قتيبة: أما بعد، فإن الناس قد اشتد عليهم البلاء في ولاية الحجاج من الخوف والحبس والتشريد حتى ضاقت صدورهم، وقد أحب أمير المؤمنين أن يحل عقد الخوف عنهم وأن ينعشهم بالعدل والانصاف والامن، وقد فهم أمير المؤمنين كتابك وتهنئتك وما قد أضمرت في نفسك من الخلاف، فلا تفسدن صالح عملك بشق العصا فإن أمير المؤمنين (2) وإن عزلك عن خراسان ولاك غيرها، فأقبل إلى أمير المؤمنين فيمن أحببت من إخوتك وقوادك آمنا مطمئنا - والسلام -.
قال: فلما ورد كتاب سليمان بن عبد الملك على قتيبة جعل يحرك رأسه ثم أنشأ يقول:
رماني سليمان بأمر أظنه * سيحمله مني على شر مركب رماني بجبار العراق ومن له * على كل حي حد ناب ومخلب وللموت خير من حياة ذليلة * وحبل ضعيف قد وهى متقضب وللترك أدنى في الوداد مودة * وأقرب مني من بني المهلب قال: فوثب إليه رجل من أصحابه يقال له جهم بن زحر الجعفي فقال: أيها