أحمق منه، وأقل عقلا من بأقل (1)، وقد رأيتم عدلي فيكم وإنصافي إياكم، فهاتوا ما عندكم. قال: فما أجابه أحد بشيء، قال: فغضب قتيبة لذلك ثم قال: يا أهل السافلة! ولا أقول: يا أهل العالية، وبني بكر بن باطل! ولا أقول: بكر بن وائل، ويا بني ذميم! ولا أقول: بني تميم، ويا أهل الشح والبخل بأي يوميكم تخوفونني أم بأي يوم تمنون علي! أبيوم حربكم أم بيوم سلمكم، وأنتم يا معشر الأزد تبدلتم بقلوس (2) السفن أعنة الحصن (3)، وبالمرادى (4) الرماح، وبالمجاذيف السيوف، وأنتم أعراب. وما الاعراب! ولعنة الله على الاعراب (الاعراب أشد كفرا ونفاقا) (5) جمعتكم من منابت الشيح والقيصوم كما يجمع قزع (6) الخريف بعد ركوبكم الأتن والبقر في جزيرة بني كاوان (7)، حتى إذا ملأتم أيديكم من غنائم الأعاجم وخدمتكم أبناء ملوك الترك والسغد قلتم كيت وكيت وذيت وذيت، أما والله لئن وليكم يزيد بن المهلب ليعصبنكم عصب النسعة (8) وليقرعنكم قرع المروة.
قال: فسكت الناس فما أجابه أحد بشيء، فجعل يتمثل بهذا البيت:
إن امرأ ملك اليمامة كلها * أعطى الملوك مقادة لم يضلل قال: فنهض الناس وتفرقوا وهم غضاب من شتمه لهم وسوء مقالته فيهم.
ودخل قتيبة إلى رحله وأقبل إليه إخوته وأهل بيته فقالوا له: أيها الأمير! ماذا أتيت إلى الناس في هذا اليوم! والله ما قصرت عن أهل العالية وهم شعارك ودثارك، ثم تناولت بني بكر بن وائل وهم أنصارك، ثم لم ترض حتى تناولت بني تميم وهم إخوتك، ثم تناولت الأزد وهم يدك وجناحك، فقال قتيبة: لأني تكلمت فما أجابني أحد منهم بشيء، وقد مضى القوم فذروهم، إن أهل العالية كابل الصدقة جمعت من كل أوب، وبنو بكر أمة لا تمنع يد لامس، وتميم جمل أجرب، وعبد القيس ما