الفرس وحمل على العدوي برمحه راجلا، فهرب العدوي من بين يديه إلى قتيبة.
قال: وصاح رجل من أصحاب وكيع: ما تنتظرون بالرجل؟ تغدوا به قبل أن يتعشى بكم! قال: فدعا وكيع بالنار والحطب فأحرق الناس (1)، وبها نجوا ثم دنوا من الفسطاط، فدخل إلى قتيبة مؤذنه فقال: أيها الأمير! على ماذا أقبل؟ قال: على طاعة الله ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم وآله)، فخرج المؤذن فقاتل حتى قتل، وتقدم عبد الله بن وألان وعبد العزيز بن الحارث وميسرة [الجدلي] وعبد الرحمن بن عبد الله القسري - هؤلاء الأربعة، فخرجوا من القارة خوفا على أنفسهم أن يقتلوا، وتقدم عبد الله وعبد الكريم والحصين بن زياد (2) إخوة قتيبة، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم. وتقدم كثير بن قتيبة فقتل، ثم تقدم مغلس بن عبد الرحمن بن مسلم ابن أخي قتيبة فقاتل فقتل. فقال قتيبة لرجل واقف بين يديه يقال له جنادة الوائلي: انج بنفسك، فقال: لا والله وأقتل بين يديك! أنا أسلمك، قد أطعمتني الجرمق (3) وألبستني النرمق (4)! فقاتل فقتل. وخرجت أم ولد لقتيبة يقال لها الصماء فشد عليها رجل من القوم فقتلها. قال: وقتل حاجب قتيبة شريك بن الصامت، وصبر قتيبة مع أخيه وهاجت بينهم قسطلانية، ومالت الأزد وبنو بكر فقطعوا أطناب السرادق، ثم هجموا على قتيبة، وقصده رجلان أحدهما سعد بن نجد (5) الأزدي والاخر جهم بن زحر الجعفي، فطعنه جهم بن زحر وضربه سعد بن نجد، ويقال: أنهما جميعا ضرباه فقتلاه، وقد ذكر ذلك الحضين بن المنذر البكري في قصيدة له حيث يقول:
ألم تر جهما وابن نجد تعاورا * بسيفيهما رأس الهمام المتوج وما أدركت في قيس عيلان نارها * بنو شنفر إلا بأسياف مذحج وإلا بفتيان العتيك وغيرهم * من الأزد في داج من الرهج أدعج أتاها ابن زحر بعد ما هب جمعها * فباشرها في حرها المتوهج أصم غداني كأن جبينه * مجاجة نفس في أديم ممجمج