يا قوم صبرا على ما كان من مضض * إذ لم أجد لعتاة القوم أقرانا (1) لو كان قومي أحرارا لقد منعوا * سلوى يطائر عنه الناس خذلانا قال: فقال رجل من أصحاب قتيبة يقال له صالح بن حيان مولى مصقلة بن هبيرة لغلام له: يا غلام! ناولني قوسي، فقال له صالح بن مسلم أخو قتيبة بن مسلم: ليس هذا وقت قوس (2).
قال: ثم ذهب صالح بن مسلم ليكلم الناس فرماه (3) رجل من بني ضبة يقال له سليمان (4) ويلقب بريح أترنج بسهم فصرعه، فابتدره الناس فحمل إلى أخيه قتيبة، وكان أكبر ولد مسلم، فأدخل الفسطاط ورأسه مائل، فقام إليه قتيبة فجلس عنده ساعة حتى قضى، ثم رجع إلى سريره. وتقدم عبد الرحمن بن مسلم أخو قتيبة، فرماه مولى لبني حنيفة يكنى أبا فديك بسهم فقتله. ثم أقبل يزيد بن الأهتم الأزدي على قومه من الأزد فقال: أيها الناس! تعلمون أن قتيبة بن مسلم هذا جعلني رئيسا عليكم؟ فقالوا: اللهم نعم، قال: فإني والله سمعته وهو يقول: والله لاستأصلن الأزد حتى لا يبقى لعمايتها سادة ولا قادة! قال: ثم تقدم في قومه من الأزد نحو فسطاط قتيبة بن مسلم متمثلا بهذا البيت وهو يقول:
أعلمه الرماية كل يوم * فلما قال قافية هجاني ويروى:
أعلمه الرماية كل يوم * فلما اشتد ساعده رماني قال: ثم تقدم سعد بن نجد الأزدي وجهم بن زحر الجعفي وفي يده راية له، فنظر إليه حيان بن إياس العدوي (5) فحمل عليه، وحمل عليه جهم فضربه بالسيف ضربة فوقع على معرفة البرذون فقطع تجافيفه وعنق الفرس، ورمى جهم بنفسه من