فحبسته، وأنه هرب من سجني وصار إلى أرض الشام، ثم إنه قد اتصل الان بأخي أمير المؤمنين وولي العهد سليمان بن عبد الملك، وأمير المؤمنين أعلى عينا - والسلام -.
قال: فلما ورد كتاب الحجاج على الوليد بن عبد الملك كتب إلى أخيه سليمان بذلك، فكتب إليه: أما بعد يا أمير المؤمنين إنما أجرت يزيد بن المهلب لأنه وأباه وإخوته من صنعائنا قديما وحديثا، ولم أجر عدوا لأمير المؤمنين، وقد كان الحجاج عذبه في حبسه وأرهقه وأغرمه أربعة آلاف ألف درهم ظلما وعدوانا، ثم طالبه بعد ذلك بثلاثة آلاف ألف درهم، وقد صار هذا الرجل إلي مستجيرا فأجرته، وأنا أغرم عنه هذه الثلاثة آلاف ألف درهم، فإن رأى أمير المؤمنين أيده الله أن (1) لا يخزيني في ضيفي فعل منعما إن شاء الله.
قال: فكتب إليه الوليد أنه لابد من أن توجه به إلي! قال: فعاوده سليمان في ذلك، فأبى الوليد ذلك وقال: والله لتوجهن به إلي مكبلا مغلولا. فلما ورد الكتاب على سليمان بن عبد الملك دعا بابنه أيوب فقيده، ثم دعا بيزيد فقيده، ثم شد يد هذا مع هذا بسلسلة وغلهما جميعا بغلين وحملهما إلى الوليد بن عبد الملك وكتب إليه: أما بعد يا أمير المؤمنين فإني قد وجهت إليك بيزيد بن المهلب فابدأ بأيوب من قبله ثم اجعل يزيد ثانيا واجعلني إذا شئت ثالثا - والسلام - (2). قال: فلما دخل يزيد بن المهلب وأيوب بن سليمان في سلسلة مع يزيد استحيى لذلك ثم قال: قد أسأنا إلى أبي أيوب إذ بلغنا به هذا المبلغ. قال: وذهب يزيد بن المهلب ليتكلم ويحتج عن نفسه فقال له الوليد: اسكت فقد قبلنا عذرك وعرفنا ظلم الحجاج. ثم قال: يا غلام! علي بالحداد، فدعا بالحداد وأطلق عنهما جميعا ووصل أيوب بن سليمان بثلاثين ألف درهم وردهما إلى سليمان. ثم كتب إلى الحجاج: أما بعد فإنه لا سبيل لك على يزيد بن المهلب، فانظر لا تعاودني بعد هذا اليوم - والسلام -.
قال: فصار يزيد بن المهلب، عند سليمان بن عبد الملك بن مروان في أفضل المراتب وأعلى المنازل.