ولا تظهر عداوتنا فإنا * نسل عليك صارمة الحديد قال: وأقبل إليه ابن عم له يقال له ثابت بن كعب الأزدي، وكان من فرسان أهل خراسان وشعرائهم، فقال: أصلح الله الأمير! إني أرى قومي من الأزد وغيرهم من أجناد خراسان قد خشنت صدورهم عليك لما يرون من جفائك لهم، وقد كانوا قبل اليوم متشوقين إلى ولايتك عليهم، فلا يكونن جزاؤهم منك الجفاء والعقوق، فإن الأيام عوج رواجع وأنا لك ناصح - والسلام عليك -، ثم أنشأ يقول:
أبا خالد إن الأمور التي ترى * عوار فلا يبقى لشيء خلودها ألم ترها تمضي بقوم أعزة * ذوي أسرة لم تغن عنها جنودها وأسورة كانوا ملوكا فأصبحت * أحاديث شيء قد أرقت حدودها وإنك في أمر العشيرة كلها * للابس أثواب العقوق جديدها تهين ذوي الأحساب منهم وتصطفي * لئامهم إذ كان ذاك بعيدها رأيت ذوي الأحساب عاصت حدودهم * لذاك وفات للئام حدودها قال: فقال له يزيد بن المهلب: يا ثابت! فإني أعتبكم من كل ما كرهتم وأكون لكم من الامر بحيث ما أحببتم إن شاء الله.
قال: وبلغ ذلك الحجاج بن يوسف فأحب أن يعزل يزيد بن المهلب عن خراسان فلم يقدر عليه، وكان الحجاج قد أذل أهل العراق بأجمعهم من البصرة والكوفة إلا يزيد بن المهلب وأهل بيته، فإنه لم يقدر عليهم حيلة واحدة لميل عبد الملك إليهم، وأخرى لامتناعهم بخراسان. قال: فرأى الحجاج أن يتزوج إليهم، فتزوج لأخت يزيد بن المهلب وكان لها مال وشرف وكمال، فزفت إليه من البصرة إلى واسط العراق. قال: وبلغ ذلك يزيد بن المهلب فكأنه أحس بالشر من قبل الحجاج. قال: وجعل الحجاج يكتب إليه ويأمره أن ينصرف من خراسان إلى ما قبله، ويزيد يعتل عليه بحروب خراسان، حتى إذا كان في آخر خلافة عبد الملك بن مروان (1) دعا الحجاج بالمفضل بن المهلب فولى الري وما والاه من البلاد. ثم كتب إلى أخيه: إني وليت أخاك المفضل بن الري وقد أمرته أن يتسلم خراسان منك فيكون خليفة لك بها إلى أن تنصرف إليها، فإذا ورد عليك كتابي هذا فسلم العمل إلى