وأصاب قتيبة في خزائن بيكند سلاحا كثيرا، فقسمه بين المسلمين، وأصاب أيضا خزانة مقفلة فأمر بفتحها ففتحت، فأخرج منها من آنية الذهب والفضة ما لا يحصى، وأصابوا أيضا في هذه الخزانة صنما عظيما من ذهب، فأمر قتيبة بإذابته فأذيب فخرج منه خمسون ومائتا ألف دينار (1). قال: وأصابوا في هذه الخزانة لؤلؤتين عظيمتين فعجب قتيبة من كبرهما وضيائهما، ثم دعا بسدنة بيت النار، فقال: خبروني كيف وقعت هاتان اللؤلؤتان إلى بلدكم هذه؟ فقالوا: أيها الأمير! إنا نظرنا ذات يوم إلى طائرين قد وقعا على بيت النار والأصنام فألقيا هاتين اللؤلؤتين من مناقرهما ثم طارا، قال: فعجب قتيبة من ذلك، ثم بعث بهاتين اللؤلؤتين إلى الحجاج وكتب إليه بخبرهما، فكتب إليه الحجاج: إني قد فهمت ما ذكرت من أمر هاتين اللؤلؤتين، وإن أعجب من أمرهما وأمر الطائرين سخاء نفسك لنا بهما أبا حفص - والسلام -. (2) قال: وكان عامة أهل بيكند يومئذ بالصين في تجارات لهم، فلما رجعوا نظروا إلى بيكند فطلبوا نساءهم وأولادهم، فجعلوا يشترونهم من المسلمين بالمال الجزيل. قال: وكانت امرأة رجل منهم قد وقعت مع ابنين لها إلى رجل من المسلمين يقال له عبد الله بن سليمان الغنوي، فطلبها زوجها وطلب أيضا ابنيها منه، واستام عليه الغنوي عشرة آلاف درهم، فقال له التركي: يا هذا! أنا أتزوج امرأة غير هذه فتلد في في سنتين غلامين، ولا أعطيك عشرة آلاف درهم، فقال له الغنوي: ذاك إليك فاصنع ما بدا لك، قال: فاشترى التركي امرأته وابنيه بعشرة آلاف درهم، ثم لقي الغنوي بعد ذلك فقال له: أيها العربي! إنك لو أبيت علي أن لا تبيعني أهلي وابني إلا بأربعمائة ألف درهم لأخذتهن وطابت نفسي به.
قال: وعمر أهل بيكند مدينتهم ثانية بإذن قتيبة ونزلوا بها على أنهم يؤدون إليه في كل سنة شيئا معلوما. فصالحهم على ذلك وكتب عليهم بذلك كتابا.
قال: ثم سار قتيبة من بيكند إلى نومشكث (3)، فلما دنا منهم خرجوا إليه فصالحوه على مال يعطونه كل سنة على أنهم يكونون في طاعته، فقبل قتيبة ذلك