على أن يقبلوا ما في الكتاب وأن يخذلوا ابن الأشعث، ثم بلغهم بعد ذلك أن عبد الله بن عبد الملك ومحمد بن مروان في طاعة الحجاج وأنهم يصلون خلفه، فغضبوا لذلك وشتموا عبد الملك والحجاج، وعزموا على الحرب والمناجزة.
قال: ودنا (1) القوم بعضهم من بعض، فقال عبد الله بن عبد الملك بن مروان: يا أهل العراق! أخرجوا إلينا أشرافكم حتى نكلمهم وننظر ماذا أنتم عليه عازمون! قال: فخرج أهل العراق حتى وقفوا قبالة أهل الشام، ثم انتسبوا بعضهم إلى بعض، فلما قال عبد الله بن عبد الملك: أمير المؤمنين، قال أهل العراق: أما عبد الملك فقد عرفناه، وأما أمير المؤمنين فلا نعرفه، وقد خلعنا أبا الديان - يعنون بذلك عبد الملك بن مروان. قال: فرجع (2) القوم بعضهم عن بعض، فقال الحجاج: يا أهل الشام! أنى! قد آن لكم بأن القوم ما يريدون خلعي، إنما يريدون خلع أمير المؤمنين وخلعكم.
قال: ثم نادى الحجاج في أصحابه، ونادى ابن الأشعث في أصحابه، ودنا القوم بعضهم من بعض، وقد كان الحجاج في ثلاثة وعشرين ألفا فجاء المدد في سبعين ألفا فصار في ثلاثة وتسعين ألفا، وابن الأشعث يومئذ في زهاء عن ستين ألفا. فاقتتل القوم هنالك قتالا شديدا لم يسمع بمثله. قال الهيثم بن عدي قال عوانة: فمن الناس من يقول إنهم اقتتلوا أربعة أشهر وأقل من ذلك وأما عبد الله بن عياش (3) فيذكر عن أصحابه أنهم اقتتلوا مائة يوم، ليس من يوم إلا وينتصف ابن الأشعث من الحجاج، ويزيد يومئذ في عسكر ابن الأشعث زهاء عن ثمانية آلاف رجل من القراء والزهاد والعباد ممن يرى قتل الحجاج جهادا، منهم: محمد بن سعد (4) بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن شداد بن الهاد سعد (4) بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن شداد بن الهاد الليثي، وعامر بن شراحيل الشعبي، وزاذان أبو عمر مولى كندة، وأبو البختري الطائي، ومسلم (5) بن يسار، وسعيد بن جبير (6) - وأشباههم من الناس على ذلك،