ومجدي ابن عمرو الجهني على الماء. فسمع عدى وبسبس جاريتين من جواري الحاضر، وهما تتلازمان على الماء، والملزومة تقول لصاحبتها: إنما تأتى العير غدا أو بعد غد، فأعمل لهم، ثم أقضيك الذي لك. قال مجدي: صدقت، ثم خلص بينهما. وسمع ذلك عدى وبسبس، فجلسا على بعيريهما، ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه بما سمعا.
وأقبل أبو سفيان [بن حرب] حتى تقدم العير حذرا، حتى ورد الماء، فقال لمجدي بن عمرو: هل أحسست أحدا، فقال: ما رأيت أحدا أنكره، إلا أنى قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل، ثم استقيا في شن لهما، ثم انطلقا.
فأتى أبو سفيان مناخهما، فأخذ من أبعار بعيريهما، ففته، فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف يثرب. فرجع إلى أصحابه سريعا، فضرب وجه عيره عن الطريق، فساحل بها، وترك بدرا بيسار، وانطلق حتى أسرع.
[قال]: وأقبلت قريش، فلما نزلوا الجحفة، رأى جهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف رؤيا، فقال: إني [رأيت] فيما يرى النائم، وإني لبين النائم واليقظان. وإذا نظرت إلى رجل قد أقبل على فرس حتى وقف، ومعه بعير له، ثم قال: قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلاف، وفلان وفلان. فعدد رجالا ممن قتل يوم بدر، من أشراف قريش، ثم رأيته ضرب في لبة بعيره، ثم أرسله في العسكر، فما بقى خباء من أخبية العسكر إلى أصابه نصح من دمه.
قال: فبلغت أبا جهل، فقال: وهذا أيضا نبي آخر من بني المطلب! سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا.
قال ابن إسحاق: ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره، أرسل إلى