كنا ننتظره، فقال له كوز: ما يمنعك منه وأنت تعلم هذا؟ قال: ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرفونا ومولونا وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه، فلو فعلت نزعوا منا كل ما ترى، فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة، حتى أسلم بعد ذلك، فهو كان يحدث عنه هذا الحديث فيما بلغني.
قال ابن هشام: وبلغني أن رؤساء نجران كانوا يتوارثون كتبا عندهم، فكلما مات رئيس منهم فأفضت الرياسة إلى غيره، ختم على تلك الكتب خاتما مع الخواتم التي كانت قبله ولم يكسرها، فخرج الرئيس الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يمشى فعثر، فقال له ابنه: تعس الأبعد! يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له أبوه: لا تفعل، فإنه نبي، واسمه في الوضائع يعنى الكتب. فلما مات لم تكن لابنه همة إلا أن شد فكسر الخواتم، فوجد فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم فحسن إسلامه وحج، وهو الذي يقول:
إليك تعدو قلقا وضينها * معترضا في بطنها جنينها * مخالفا دين النصارى دينها * قال ابن هشام: الوضين: الحزام، حزام الناقة. وقال هشام بن عروة:
وزاد فيه أهل العراق:
* معترضا في بطنها جنينها * فأما أبو عبيدة فأنشدناه فيه.
قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال: لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات، جبب وأردية، في جمال رجال بنى الحارث بن كعب.
قال: يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ: ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم، وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم، فصلوا إلى المشرق.