لهن تصريف وتأويل، ابتلى الله فيهن العباد، كما ابتلاهم في الحلال والحرام، ألا يصرفن إلى الباطل، ولا يحرفن عن الحق. يقول عز وجل: {فأما الذين في قلوبهم زيغ} أي ميل عن الهدى {فيتبعون ما تشابه منه} أي ما تصرف منه، ليصدقوا به ما ابتدعوا وأحدثوا، لتكون لهم حجة، ولهم على ما قالوا شبهة {ابتغاء الفتنة} أي اللبس {وابتغاء تأويله} ذلك على ما ركبوا من الضلالة في قولهم: خلقنا وقضينا، يقول: {وما يعلم تأويله} أي الذي به أرادوا ما أرادوا {إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا} فكيف يختلف وهو قول واحد، من رب واحد؟
ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد، واتسق بقولهم الكتاب، وصدق بعضه بعضا، فنفذت به الحجة، وظهر به العدر، وزاح به الباطل، ودمغ به الكفر. يقول الله تعالى {وما يذكر} في مثل هذا {إلا أولوا الألباب. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا}، أي لا تمل قلوبنا إن ملنا بأحداثنا {وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}. ثم قال {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم} بخلاف ما قالوا {قائما بالقسط}، أي بالعدل [فيما يريد {لا إله إلا هو العزيز الحكيم، إن الدين عند الله الاسلام}، أي ما أنت عليه: التوحيد للرب، والتصديق للرسل {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم} أي الذي جاءك، أي أن الله الواحد الذي ليس له شريك {بغيا بينهم، ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب، فإن حاجوك} أي بما يأتون به من الباطل من قولهم:
خلقنا وفعلنا وأمرنا، فإنما هي شبهة باطل قد عرفوا ما فيها من الحق {فقل أسلمت وجهي لله}، أي وحده {ومن اتبعن، وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين} الذين لا كتاب لهم {ءأسلمتم، فإن أسلموا فقد اهتدوا، وإن