أصبحت الخطوط لغير القبلة. فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي عن ذلك فسكت، فأنزل الله تعالى هذه الآية (1) فلعلها كانت في بعض السرايا السابقة - قبل تحويل القبلة من بيت المقدس في الشام - في مشرق المدينة إلى الكعبة في جنوبها، كما يأتي تفصيله.
ولو كانت الآية - كما روى الطوسي عن ابن عباس - ردا على اليهود، فليس لانكارهم تحويل القبلة إلى الكعبة، بل لانكارهم تحويل القبلة من الكعبة في بدء البعثة إلى بيت المقدس في الشام بعد ذلك. والجواب * (لله المشرق والمغرب) * يتكرر عند تحويل القبلة إلى الكعبة: * (قل لله المشرق والمغرب) * (2) ولكنه يصلح في المقامين، فكأنه كان هناك فاصل زمني بين اعتراض اليهود على ذلك وبين تحويل القبلة.
وكأن الآية السابقة تقول: إنما منع مشركو مكة رسول الله من أن يذكر الله بالصلاة إلى الكعبة في المسجد الحرام لاحتجاجهم على الرسول أنه يصلي إلى الأصنام المنصوبة في الكعبة وحولها وعليها، وانما كان ذلك ظلما منهم، فهل أنتم اليهود تريدون أن تفعلوا مثل ذلك فتصدوا رسول الله عن الصلاة إلى بيت المقدس؟! ولما فعل مشركو مكة ذلك اذن ما يكون لهم أن يتوجهوا للدخول إلى المسجد الحرام في مكة الا خائفين بفعل السرايا المرسلة على قوافلهم التجارية في طريقهم إلى مكة. والطريف أن السرايا انما كانت تخوفهم حين توجههم للدخول إلى مكة، لا حين خروجهم منها إلى الشام. فالآية على هذا تضمنت امضاء بعث السرايا، قبل نزول قوله سبحانه: * (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا..) * (3)