ومنها: ما يلوح من قوله سبحانه: * (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر...) * (1).
ولم يعهد عن اليهود أنهم كانوا يكفرون سليمان. والكفر في الآية حسب سياقها كفر السحر، كما في الحديث: " الساحر كالكافر " واليهود كانوا ينسبون السحر إلى سليمان.
والسبب في ذلك ما رواه القمي في تفسيره بسنده عن الباقر (عليه السلام) قال: لما هلك سليمان بن داود وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ثم طواه وكتب على ظهره: " هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم " (وفيه) من أراد كذا وكذا فليفعل كذا وكذا. ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم فقرأوه. فقال الكافرون: ما كان سليمان يغلبنا الا بهذا، وقال المؤمنون: بل هو عبد الله ونبيه (2).
فكان اليهود لا يرون السحر كفرا بل حلالا كان يعمل به سليمان بن داود، وان كانوا يرونه لذلك ملكا - كما مر في الخبر - لا نبيا رسولا، بل ينكرون ذلك على من يقول به.
هذا " وقد استعظم الله قدر سليمان في مواضع من كلامه في عدة من السور المكية النازلة قبل هذه السورة: كسورة الأنعام، والأنبياء، والنمل، وص، وفيها أنه كان عبدا صالحا بل نبيا مرسلا آتاه الله العلم والحكمة ووهب له من الملك ما لا ينبغي لأحد من بعده، فلم يكن ساحرا " (3) ولم يكن قد غلبهم بذلك السحر.