ورواه قبله ابن إسحاق بسنده عنه - أيضا - قال: لما انصرفنا عن الخندق مع الأحزاب (1) قلت في نفسي: والله ليظهرن محمد على قريش! فخلفت مالي بالرهط وأفلت، أو قال: فلحقت بمالي بالرهط وأقللت من الناس، فلم أحضر الحديبية وصلحها، وانصرف رسول الله بالصلح ورجعت قريش إلى مكة (2).
هذا عن عمرو بن العاص، وأما عن أبي سفيان فقد مر الخبر عن " روضة الكافي " عن الصادق (عليه السلام): أن قريشا لما أرسلوا الرسل إلى رسول الله يستفسرونه عن قصده، وفيهم الحليس سيد الأحابيش، ورجع الحليس يقول لأبي سفيان: أما والله لتخلين عن محمد وما أراد، أو لأنفردن بالأحابيش! فقال أبو سفيان: اسكت حتى نأخذ من محمد ولثا (3).
وعليه فإن أبا سفيان كان يريد أن يعاهد محمدا (صلى الله عليه وآله) لمصلحته في " رحلة الشتاء والصيف " فلم يكن يريد النفير، لرعاية العير، وقد وصل بعهد الصلح إلى ما كان يؤمل، وكأنه من أبي سفيان خطوة نحو الائتلاف فماذا عن رد النبي على ذلك؟
كأن الرد كان بزواجه (صلى الله عليه وآله) بابنته رملة الشهيرة بأم حبيبة، التي كانت قد أسلمت مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي القرشي حليف بني أمية، وأمه أميمة بنت عبد المطلب، فهو من أقرباء النبي، أسلم وأسلمت معه زوجه بنت أبي سفيان، وهاجر وهاجرت معه إلى الحبشة النصرانية فتأثر بها وتنصر حتى مات عليها (4)، وبقيت زوجه رملة أرملة مسلمة، فأرسل الرسول عمرو بن أمية الضمري القرشي لخطبتها، وتقدم الرسول بذلك إلى النجاشي أصحمة. والظاهر أن ذلك كان مع كتابه