موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ٢ - الصفحة ٦٤٢
قريبا) * هو فتح الحديبية، كما عن الزهري (1) وعليه فالفتح القريب في سورة الفتح
(١) التبيان ٩: ٣٣٥ و 336 وانظر مجمع البيان 9: 191 وابن هشام 3: 336 ومغازي الواقدي 2: 623 عن الزهري أيضا.
قال الطباطبائي في الميزان 18: 291 في تفسير الآية: سياق الآية يعطي أن المراد بها إزالة الريب عن بعض من كان مع النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: المؤمنون كانوا يزعمون من رؤيا النبي (صلى الله عليه وآله) انهم سيدخلون المسجد الحرام آمنين في عامهم هذا، فلما خرجوا إلى مكة معتمرين واعترضهم المشركون فصدوهم في الحديبية عن المسجد الحرام، ارتاب بعضهم في صدق رؤيا النبي، فأزال الله ريبهم بما في الآية.
ومحصل الآية: أن الرؤيا صادقة وأنكم ستدخلون المسجد الحرام آمنين لا تخافون، ولكنه أخره الله وقدم قبله هذا الصلح الذي هو فتح لكم ليتيسر لكم دخول مكة، وذلك لعلمه بأنه لا يمكن لكم دخوله آمنين لا تخافون الا من هذا الطريق.
قال: ومن هنا يظهر أن المراد بالفتح القريب في هذه الآية هو فتح الحديبية فهو الذي سوى للمؤمنين الطريق لدخول المسجد الحرام آمنين ويسر لهم ذلك، ولولا ذلك لم يمكن لهم الدخول فيه إلا بالقتال وسفك الدماء ولا عمرة مع ذلك، لكن صلح الحديبية وما اشترط من شرط أمكنهم من دخول المسجد الحرام معتمرين في العام القابل.
ومن هنا نعرف بأن قول بعضهم بأن المراد بالفتح القريب في الآية هو فتح خيبر، بعيد عن السياق، وأما القول بأنه فتح مكة فهو أبعد من ذلك. انتهى.
وفي الفتح القريب في الآية السابقة 18 قال: " قيل: المراد بالفتح القريب فتح مكة، والسياق لا يساعد عليه " ولكنه قال: " المراد بالفتح القريب فتح خيبر على ما يفيده السياق " الميزان 18: 285. بينما السياق واحد، والبعد فيهما واحد.
وبشكل عام لا نرى في كل آي سورة الفتح ما يفيد أن يكون بعض الفتوح فيها لسوى فتح الحديبية ممهدة لفتح مكة، ونرى أن سبب هذا الخلط والاشتباه هو قرب فتح خيبر من الصلح، ووضوح الفتح فيه وغموضه في الصلح. وسبب الاشتباه بفتح مكة شدة ما بينهما من الارتباط واشتهار اطلاق الفتح عليه، والا فلا داعي لهذا الخلط والالتباس.
بقى أن نقول: إن سورة الفتح - كما قالوا وحسب سياقها - نزلت بعد صلح الحديبية، أي بعد مضي ست سنين من الهجرة وقبل وفاةالنبي (صلى الله عليه وآله) بأربع سنين، تلك السنين العشر التي نزل فيها ثمان وعشرون سورة من السادسة أو السابعة والثمانين حتى الرابعة عشرة بعد المئة وسورة الفتح حسب الخبر المعتبر والمعتمد هي الثانية عشرة بعد المئة، أي: هي الثالثة قبل نهاية القائمة، وانما بعدها البراءة والمائدة أو العكس. وقبل الفتح بأكثر من عشر سور سورة الحشر النازلة في بني النضير، وبعدها النصر المشتهر نزولها في فتح مكة (؟) وبعدها النور النازلة في قصة الإفك، والتي قالوا: إنها كانت بعد غزوة بني المصطلق في المريسيع في الخامسة أو السادسة للهجرة، وضحيتها عائشة، بينما سنبحث أن بطلها عائشة ولكن ضحيتها ضرتها أم إبراهيم مارية القبطية المهداة من المقوقس عظيم أقباط مصر في جواب كتاب النبي (صلى الله عليه وآله) إليه لدعوته إلى الاسلام بعد صلح الحديبية، وعليه فنزول الآيات بشأنها في سورة النور بعد ذلك ونزول سورة الفتح قبلها، اي: في حدود المئة لا بعد المئة والعشرة وحينئذ يكون المقطع الزمني لها مناسبا، والفاصل الزمني بينها وبين نهاية السور - أيضا - كذلك.