أحب إلي، ونجعل لك عشرين فريضة: عشرا جذاعا (في الخامسة) وعشرا حقاقا (في الرابعة) وتوضع لك على يدي سهيل بن عمرو ويضمنها لك.
فقال نعيم لسهيل - وكان صديقا له -: يا أبا يزيد، تضمن لي عشرين فريضة على أن أقدم المدينة فأخذل أصحاب محمد؟ قال: نعم قال: فإني خارج.
فخرج على بعيره وأسرع السير، فقدم وقد حلق رأسه من العمرة، فوجد أصحاب رسول الله يتجهزون. فقالوا له: من أين يا نعيم؟ قال: معتمرا من مكة. قالوا: لك علم بأبي سفيان؟ قال: نعم تركت أبا سفيان قد جمع الجموع وأجلب معه العرب، فهو جاء فيما لا قبل لكم به، فأقيموا ولا تخرجوا، فإنهم قد أتوكم في داركم وقراركم فلن يفلت منكم إلا الشريد، وقتلت سراتكم، وأصاب محمدا ما أصابه في نفسه من الجراح، فتريدون أن تخرجوا إليهم فتلقوهم في موضع من الأرض؟ بئس الرأي رأيتم لأنفسكم، والله ما أرى أن يفلت منكم أحد!
وجعل يطوف بهذا القول في أصحاب رسول الله حتى رعبهم وكره إليهم الخروج، وحتى نطقوا أو بعضهم بتصديق قول نعيم، واستبشر بذلك المنافقون واليهود وقالوا: إن محمدا لا يفلت من هذا الجمع! وحتى بلغ ذلك إلى رسول الله وتظاهرت الأخبار عنه عنده وحتى خاف رسول الله أن لا يخرج معه أحد... ثم قال: والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد!
فلما تكلم رسول الله بذلك بصر الله المسلمين وأذهب عنهم رعب الشيطان... فخرج في ألف وخمسمئة من أصحابه، فيهم عشرة خيول للرسول والمقداد والزبير وغيرهم... وكان يحمل لواء رسول الله الأعظم يومئذ علي بن أبي طالب (عليه السلام). واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة. وخرجوا ببضائع لهم ونفقات وتجارات... فانتهوا إلى بدر ليلة هلال ذي القعدة، وقام السوق صبيحة الهلال، فأقاموا ثمانية أيام والسوق قائمة... فربحوا للدينار دينارا... وقال أبو