خرج رسول الله في سبعين راكبا، وأتى موسم بدر، فكفاهم الله بأس العدو، ولم يوافهم أبو سفيان، ولم يكن قتال يومئذ، وانصرف رسول الله بمن معه سالمين (1).
وقال الواقدي: كان بدر الصفراء مجمعا يجتمع فيه العرب، وسوقا تقوم لهلال ذي القعدة إلى ثماني ليال خلون منه، فإذا مضت ثماني ليال منه تفرق الناس إلى بلادهم.
ولما أراد أبو سفيان أن ينصرف يوم أحد نادى: موعد بيننا وبينكم بدر الصفراء رأس الحول نلتقي فيه فنقتتل!
فافترق الناس على ذلك، ورجعت قريش فخبروا من قبلهم بالموعد وتهيأوا للخروج وأجلبوا، وطمعوا فيه بمثل ظفرهم حينما رجعوا من أحد والدولة لهم.
ولما دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج إلى رسول الله وأحب أن يقيم رسول الله وأصحابه بالمدينة لا يوافون الموعد، فكان كل من يرد عليه مكة يريد المدينة يظهر له: أنا نريد أن نغزو محمدا في جمع كثيف!
وقدم نعيم بن مسعود الأشجعي مكة، فجاءه أبو سفيان بن حرب في رجال من قريش وقال له: يا نعيم، إني وعدت محمدا وأصحابه يوم أحد أن نلتقي نحن وهو ببدر الصفراء على رأس الحول، وقد جاء ذلك.
فقال نعيم: ما أقدمني إلا ما رأيت محمدا وأصحابه يصنعون من إعداد السلاح والكراع، قد تجلب إليه حلفاء الأوس من بلي وجهينة وغيرهم، فتركت المدينة أمس وهي كالرمانة!
فقال أبو سفيان: أسمعك تذكر ما تذكر وما قد أعدوا، وهذا عام جدب، وإنما يصلحنا عام خصب غيداق ترعى فيه الظهر والخيل ونشرب اللبن، وأنا أكره أن يخرج محمد وأصحابه ولا أخرج فيجترئون علينا، ويكون الخلف من قبلهم