في القاموس: الحبكة محركة الأصل من أصول الكرم وذو الحبكة عبيدة أو عبدة ابن سعد آه وفي تاج العروس ساق نسبه كما ذكرناه وقال ذو الحبكة لقب عبيدة وابنه كعب بن ذي الحبكة كان شيعيا وسيره عثمان فيمن سير إلى جبل الدخان بدنباوند. قلت وقتله بسر بن أبي أرطاة بتثليث آه أقول الظاهر رجوع الضمير إلى الابن. وفي معجم البلدان: تثليث موضع بالحجاز قرب مكة آه ودنباوند بضم الدال وسكون النونين وفتح الواو، في معجم البلدان: لغة في دباوند ويقال وماوند بالميم أيضا كورة من كور الري في وسطها جبل عال لم أر في الدنيا كلها جبلا أعلى منه وفيه عين كبريتية يخرج منها بخار كالدخان وبذلك سمي جبل الدخان أقول تتبعت الكتب الموضوعة لمعرفة الصحابة لعلي أجد فيها ترجمة لعبيدة ذي الحبكة والد المترجم أو لولده كعب فلم أجد فدل على أن المترجم ليس صحابيا بل هو تابعي ولم أجد له ترجمة في كتب التراجم وكتب الرجال التي عندي مع أن حاله تقتضي أن يكون معروفا مشهورا وأوردت من ترجمته ما عثرت عليه في كتب لم توضع للتراجم كتاج العروس ومعجم البلدان وكتاب أبي مخنف.
أحواله سيأتي قول أبي مخنف أنه كان ناسكا متعبدا، أقول وكان شاعرا قوي الحجة جريئا شجاعا خشنا في ذات الله عاقلا فصيحا عارفا كما يستفاد مما يأتي في سيرته المنقولة عن أبي محنف ويدل كتابه الآتي الذي كتبه إلى عثمان على جرأة وشجاعة وقوة إيمان وسخاء بالنفس في سبيل المصلحة العامة والأمر بالمعروف وعلم ومعرفة.
تشيعه وقد صرح بتشيعه في تاج العروس كما سمعت ويأتي قول أبي محنف أنه كان من كبار شيعة علي بن أبي طالب ع.
أقوال العلماء فيه قال ياقوت في معجم البلدان: دنباوند من فتوح سعيد بن العاصي في أيام عثمان لما ولي الكوفة سار إليها فافتتحها وافتتح الرويان سنة 29 أو 30 للهجرة وبلغ عثمان أن ابن ذي الحبكة يعالج تبريحا كذا فأرسل إلى الوليد بن عقبة وهو وال على الكوفة ليسأله عن ذلك فان أقر به فأوجعه ضربا وغربه إلى دنباوند ففعل الوليد ذلك فأقر فغربه إلى دنباوند فلما ولي سعيد رده وأكرمه فكان من رؤوس أهل الفتن في قتل عثمان فقال ابن ذي الحبكة:
لعمري ان أطردتني ما لي الذي * طمعت به من سقطتي سبيل رجوت رجوعي يا ابن اروى ورجعتي * إلى الحق دهرا غال أمرك غول وإن اغترابي في البلاد وجفوتي * وشتمي في ذات الإله قليل وإن دعائي كل يوم وليلة * عليك بدنباوندكم لطويل انتهى ما ذكره ياقوت، لكن رواية أبي محنف تخالف هذه الرواية في بعض الأمور ولعلها أصح وأثبت لما لأبي مخنف من المكانة في معرفة الأخبار والسير والركون إلى روايته. ففي كتاب عندي مخطوط قديم مخروم الأول والآخر والوسط بخط في غاية الجودة على ورق فاخر مجدول بالذهب لكنه غير خال من الغلط يظهر منه أنه من كتب التاريخ المعتبرة وأنه من تأليف أبي مخنف حيث يقول فيه في موضع قال أبو مخنف: وأخبرني عبد الملك بن نوفل عن أبي سعيد المقبري. وفي موضع آخر قال أبو مخنف: حدثني نمير ابن وعلة المقياسي من همدان عن الشعبي عن ضبيعة بن قيس البكري الخ وهذه عادة المتقدمين في ذكرهم اسم المؤلف بهذه الصورة وأول الموجود من الكتاب يتعلق بخلافة عثمان وما جرى له مع أبي ذر وعبد الله بن مسعود ثم فيه بعد سقط لا يعلم قدره صورة كتاب من جماعة من أهل الكوفة إلى عثمان حين وقع في خلافته ما وقع من الأحداث وكتاب آخر من صاحب الترجمة إلى عثمان وخبر طويل له مع عثمان ونفيه إلى دماوند وإرجاعه ثم ذكر جمع عثمان أمراء الأجناد واستشارتهم فيما يصنع لما رأى شكوى الناس منه. ثم فيه بعد سقط لا يعلم مقداره أخبار تتعلق بوقعة الجمل فيظن أن قسما منه من كتاب قتل عثمان وقسما من كتاب الجمل وكلاهما مذكور في مصنفات أبي مخنف ونحن نذكر أولا كتاب أهل الكوفة المشار إليه ثم كتاب المترجم لارتباط أحدهما بالآخر. قال أبو مخنف في الكتاب المذكور ما لفظه: فكان أول من كتب إليه في إمارة سعيد بن العاص يزيد بن قيس الهمداني ثم الأرحبي ومالك بن حبيب اليربوعي وكان ولي شرطة علي بن أبي طالب وحجر بن عدي الكندي وزياد بن النضر الحارثي وزياد بن حفصة التميمي وعمرو بن الحمق الخزاعي وعبد الله بن الطفيل العامري وكتام بن الحضرمي الأسدي ومعقل بن عيسى اليربوعي وزيد بن حصين الطائي وسليمان بن صرد الخزاعي ومسلمة بن عبدة القاري من القارة وهو حليف بني زهرة في رجال من أهل الكوفة ونساكهم وذوي بأسهم فكتبوا إليه: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من الملأ المؤمنين المسلمين السلام عليك فانا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فانا كتبنا إليك هذا الكتاب نصيحة لك واعذارا إليك وشفقة على هذه الأمة من الفرقة وقد خشينا أن تكون خلقت لها فتنة ولا نرى فرقة أمة محمد تكون إلا بسببك وعلى يديك فانا نرى لك ناصرا ظالما وناقما عليك مظلوما فمتى نقم عليك الناقم ونصرك الظالم اختلفت الكلمتان وتباين الفريقان وقد حدثت أمور متفاقمة أنت جلبتها باحداثك فاتق الله والزم سبيل الصالحين قبلك وازدجر عن ضرب قرائنا وخيارنا وأماثلنا وقسم فيئنا بين أشرارنا والاستئثار علينا فإنك أميرنا ما عبدت الله وأطعته وأحييت ما في كتابه وأحببت الخير وأهله وكنت للضعفاء عونا وكان القريب والبعيد عندك في الحق سواء قد قضينا ما علينا النصيحة لك وقد بقي ما لنا عليك لم تؤده وأنت عندنا فيه مؤاخذ فان تبت نكن لك على الحق أعوانا وأنصارا وإلا فانا لا نسالمك على البدعة وترك السنة ولن تجد من الله ملتحدا ولا عنه مبتعدا ولن نعصي الله فيما يرضيك وهو أعز من أنفسنا وأجل من ذلك شهد الله وكفى به شهيدا ولنستعين الله عليك وكفى به ظهيرا رجع الله بك إلى الطاعة وعصمك بتقواه عن معصيته والسلام.
فلما كتبوا هذا الكتاب قالوا لا نحب أن يعرفنا عثمان فانا لا نأمنه على أنفسنا فمن يبلغ عنا كتابنا فوالله ما نرى أحدا يجترئن على تبليغه إلا رجلا لا يبالي ما اتي اليه من قتل أو ضرب أو حبس أو تسيير أو حدث أي ذلك فعل به احتسب فيه الأجر والثواب الجزيل فأيكم ظن أنه صابر لهذه الخصال فيأخذ هذا الكتاب فقالوا جميعا والله ما منا رجل يحب أن يبتلى بهذه الخصال فقام رجل من غزة فقال هاتوا كتابكم فقد عزم الله علي الصبر على هذه الخصال وإن كنت لأحب العافية وما أنا بآيس ان ابتليت أن يرزقني