البرئ، بينما لا يستطيع أن يعمل لغيره شيئا ولو تطاول على أعراض المحصنات!
هذا الشعور من جهة، وطغيان الحب من جهة، خلق الأمنية الغريبة وصاغها في ذلك الاطار الغريب. انه الهروب من القسوة التي تحيط به وبمن يحب، ولا شك انه يستطيع تقديرها أكثر مما يستطيع غيره.
لقد قالت له عزة: ويحك! لقد أردت في الشنعاء! ما وجدت أمنية أوطأ من هذه فهل يمكن ذلك؟ أ من الانصاف أن تفهمه عزة على هذا الوجه وهو القائل بها:
لو أن عزة خاصمت شمس الضحى * في الحسن عند موفق لقضى لها وسعى إلي بصرم عزة نسوة * جعل المليك خدودهن نعالها فالذي يدعو هذه الدعوة على الساعيات بها اليه، لا يمكن أن تهون عليه حتى يريد فيها الشنعاء، ولكنها قسوة الظروف، وشدة حبه هي التي جعلته يرضى حتى هذا الذي لا يمكن أن يرضى به أحد على شرط أن يلتقي بها فقط! ولكن عزة لم تستطع أن تتغلغل في الأعماق حتى تفهم أن هذه الأمنية هي ثورة على المجتمع، وان تكن ثورة سلبية عاجزة، أكثر مما هي أمنية حقيقية!
ولكن في الوقت الذي كان يلاقي الشاعر هذا التنكر، كان يلاقي شيئا من التقدير فقد رأته مرة غاضرة زوجة بشر بن مروان، وجرى بينها وبينه حديث عنيف لعب فيه السباب أول الأمر دوره الرئيسي، ثم ظهر فيما بعد أن غاضرة تحترمه وتقدره كثيرا. وقد ضمنت له عند بشر مائة ألف درهم، فقال لها: أ في سبك إياي أو سبي إياك تضمنين لي هذا؟
وتقول الرواية: فلما قامت تودعه سفرت، فإذا هي أحسن أهل الدنيا وجها، وأمرت له بعشرة آلاف درهم.
وكما كانت تلتقي عزة وبثينة، فقد كان يلتقي كثير وجميل، وفي أحد اللقاءات قال كثير لجميل: أ ترى بثينة لم تسمع بقولك:
يقيك جميل كل سوء أ ما له * لديك حديث أو إليك رسول؟
وقد قلت في حبي لكم وصبابتي * محاسن شعر ذكرهن يطول إذا لم يكن يرضيك قولي فعلمي * نسيم الصبا، يا بثن، كيف أقول فما غاب عن عيني خيالك لحظة * ولا زال عنها، والخيال يزول!
فقال له جميل: أ ترى عزة لم تسمع بقولك:
يقول العدى يا عز قد حال دونكم * شجاع على ظهر الطريق مصمم فقلت لها والله لو كان دونكم * جهنم... ما راعت فؤادي جهنم وكيف يروع القلب، يا عز رائع * ووجهك في الظلماء للسفر معلم وما ظلمتك النفس يا عز في الهوى * فلا تنقمي حبي، فما فيه منقم وهذا السؤال من جميل ينطوي على تقدير لشاعريته، واحترام لها.
ولا شك أن أبيات جميل أعلى مستوى، وأعمق عاطفة، ولكن المسالة ليست مسالة مقارنة، بل حاولنا أن نوضح بان الشاعر وإن هضم حقه أحيانا كثيرة، بيد أن ذلك لم يكن عاما بل رأى من يعرف له حقه. 36:
كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة واسمه الحارث بن سعيد ابن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب. وأمه عائشة بنت عمرو بن أبي عقرب. وأم المطلب أروى بنت عبد المطلب بن هاشم.
في معجم الشعراء للمرزباني: وقد روى الحديث كثير بن كثير وكان يتشيع وهو القائل وسمع عبد الله بن الزبير يتناول أهل البيت ع ويقال أنه قالها لما كتب هشام ابن عبد الملك إلى عامله بالمدينة أن يأخذ الناس بسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع:
لعن الله من يسب عليا * وحسينا من سوقة وإمام أ تسب المطيبين جدودا * والكريمي الأخوال والأعمام طبت بيتا وطاب بيتك بيتا * أهل بيت النبي والإسلام رحمة الله والسلام عليكم * كلما قام قائم بسلام وله:
أهل بيت تتابعوا للمنايا * ما على الدهر بعدهم من عتاب فارقوني وقد علمت يقينا * ما لمن داق ميتة من إياب 37:
الكراجكي هو أبو الفتح أو أبو القاسم محمد بن علي بن عثمان الكراجكي. 38:
كرامة بن ثابت الأنصاري في القاموس مختلف في صحبته، وفي تاج العروس ذكره ابن الكلبي فيمن شهد صفين مع علي من الصحابة. 39:
الكرباسي اسمه إبراهيم أو محمد إبراهيم بن محمد حسن وترجم في إبراهيم. 40:
الآخوند الكرباسي اليزدي ولد سنة 1080 وتوفي في يزد ولم نعلم تاريخ وفاته وقبره مزور مشهور ببلدة يزد في مقبرة جوى هرهر.
ولم نعرف اسمه وهو غير الحاج محمد إبراهيم الكرباسي الأصفهاني المشهور. كان اليزدي هذا من عرفاء يزد وعبادها وعلمائها ومن مؤلفاته كتاب تباشير في العرفان وغيره وكان زاهدا يعيش من نسج الكرباس وبيعه ولذلك عرف بالكرباسي. 41:
كردوس بن هاني البكري من رؤساء ربيعة كان مع علي ع بصفين ولما رفع أصحاب معاوية المصاحف واختلف أصحاب علي بينهم وتكلمت رؤساء القبائل فاما من ربيعة وهي الجبهة العظمى فقام كردوس بن هاني البكري فقال أيها الناس إنا والله ما تولينا معاوية منذ تبرأنا منه ولا تبرأنا من علي مذ تقوليناه وإن قتلانا لشهداء وإن احياءنا لأبرار وإن عليا علي بينة من ربه وما أحدث إلا الانصاف وكل محق منصف فمن سلم له نجا ومن خالفه هلك. ولما فعل الحكمان ما فعلا وتكلم كردوس بن هاني قال له سعيد بن قيس الهمداني اما والله إني لأظنك أول راض بهذا الأمر يا أخا ربيعة فغضب كردوس فقال:
ألا ليت من يرضى من الناس كلهم * بعمرو وعبد الله في لجة البحر رضينا بحكم الله لا حكم غيره * وبالله ربا والنبي وبالذكر