وخرج مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع.
وخرج من طريق بشر بن المفضل قال أخبرنا سهيل عن أبي صالح قال: سمعت ابنا لأبي سعيد الخدري يحدث أبي عن أبيه وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخل.
ومن طريق عبد العزيز عن سهل عن عبد الرحمن بن أبي شيبة فذكره أورده في الزهد قال ابن سينا العطاس حركة حاصلة من الدماغ لدفع خلط أو مؤذ آخر باستعانه من الهواء دفعا من طريق الأنف والفم والعطاس للدماغ كالسعال للرئة وما يليها قال والعطاس أنفع الأشياء لتخفيف الرأس وهو مما يعين على نقض الفضول المحتبسة ويسهل للأولاد وخروج المشيمة وينقل ثقل الرأس انتهى فلهذا كان العطاس يدل على العطاس وخفه البدن وسعة المنافذ وذلك محبوب إلى الله تعالى فإن المنافذ إذا تسعت وضاقت على الشيطان فتمكن من الإنسان بتصرفه فيه وذلك لأن الشبع داع إلى الفضول فإن البطن إذا أشبع طغت الجوارح وتصرفت من الحركة والنظر والسماع والكلام قواطع للعد عن المقصود وحينئذ يكثر التثاءب لثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل فلذلك أضافه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الشيطان فقال التثاءب من الشيطان لأنه يدعوا إلى الشهوات التي يكره العبد فكره الله التثاءب لذلك والمراد التحذير من السبب الذي يتولد عنهما النوم الكثير والكسل المبطئ عن القيام بوظائف العبادة والتثاقل عن أدائها فإذا تقرر ذلك فقد عصم الله ورسوله (2) عن أن يصدر عنه ما يكره الله تعالى من الأقوال والأفعال والأحوال ولم يجعل للشيطان عليه سبيلا بوجه من الوجوه ولا حال من الأحوال فلا يكون منه شئ مما ينسب إلى الشيطان أبدا ليظهر الله له من ذلك كله.