قال القاضي أبو بكر قوله: فإن الشيطان لا يتمثل به معناه أن رؤياه صحيحة وليست بأضغاث (1) وقال آخرون: معناه رآه حقيقة.
قال القاضي عياض: ويحتمل أن يكون المراد ما إذا رآه على صفته المعروفة له في حياته فإن رآه على خلافها كانت رؤيا تقاويل لا رؤيا حقيقة.
قال بعض العلماء: خص صلى الله عليه وسلم بأن رؤيته في المنام صحيحة ومنع الشيطان أن يتمثل في خلقة لئلا يكذب على لسانه في النوم كما منعه أن يتصف في صورته في اليقظة إكراما له فإذا تقرر ذلك فما سمعه الرائي منه في المنام مما يتعلق بالأحكام لا يعمل به لعدم ضبط الرائي لا للشك في الرؤيا فإن الخبر لا يقبل إلا من ضابط مكلف والنائم بخلافه هنا ما ذكره القاضي حسين في فتاويه في مسألة صيام رمضان وذكره أيضا جماعة من الأصحاب وجزم به النووي في (الروضة) من زوائده في أوائل النكاح في الكلام على الخصائص ونقل القاضي عياض الإجماع عليه (2).
ونقل النووي أيضا في (شرح مسلم) في باب بيان أن الإسناد من الدين عن أصحابنا وغيرهم أنهم نقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع ثم قال: وهذا في مقام يتعلق باثبات حكم على خلاف ما يحكم به أما إذا راء مرة يفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه من منهي عنه أو يرشده إلى فعل مصلحة فلا خلاف في استجاب العمل على وقفه لأن ذلك ليس حكما بمجرد المنام بل بما تقرر من أصل ذلك الشئ (3).