المسلمين جمع الكفار فإن الأمور لا تجري بحكم الإنسان ولا نعلم قدر الباقي من أعمارنا ولا ينبغي أن نفرق هذا الجمع إلا بعد الجد بالجهاد.
ثم رحل من الأقحوانة اليوم الخامس من نزوله بها وهو يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر فسار حتى خلف طبرية وراء ظهره وصعد جبلها وتقدم حتى قارب الفرنج فلم ير منهم أحدا ولا فارقوا خيامهم فنزل وأمر العسكر بالنزول فلما جنه الليل جعل في مقابل الفرنج من يمنعهم من القتال ونزل جريدة إلى طبرية وقاتلها ونقب بعض أبراجها وأخذ المدينة عنوة في ليلة ولجأ من بها إلى القلعة التي لها فامتنعوا بها وفيها صاحبتها ومعها أولادها فنهب المدينة وأحرقها.
فلما سمع الفرنج بنزول صلاح الدين إلى طبرية وملكه المدينة وأخذ ما فيها وإحراقها وإحراق ما تخلف مما لا يحمل اجتمعوا للمشورة فأشار بعضهم بالتقدم إلى المسلمين وقتالهم ومنعهم عن طبرية فقال القمص إن طبرية لي ولزوجتي وقد فعل صلاح الدين بالمدينة ما فعل وبقي القلعة وفيها زوجتي وقد رضيت أن يأخذ القلعة وزوجتي ومالنا بها ويعود فوالله لقد رأيت عساكر الإسلام قديما وحديثا ما رأيت مثل هذا العسكر الذي مع صلاح الدين كثرة وقوة وإذا أخذا طبرية لا يمكنه المقام بها فمتى فارقنا وعاد عنها أخذناها وإن أقام بها لا يقدر على المقام بها إلا بجميع عساكره ولا يقدرون على الصبر طول الزمان عن أوطانهم وأهليهم فيضطر إلى تركها ونفتك من أسر منا.
فقال له برنس أرناط صاحب الكرك قد أطلت في التخويف من المسلمين ولا شك أنك تريدهم وتميل إليهم وإلا ما كنت تقول هذا وأما قولك أنهم كثيرون فإن النار لا يضرها كثرة الحطب.
فقال أنا واحد منكم إن تقدمتم تقدمت وإن تأخرتم تأخرت،