إفريقية. فلما وصل إليها اجتمع سليم ورياح ومن هناك من العرب وانضاف إليهم الترك الذين كانوا قد دخلوا من مصر مع شرف الدين قراقوش وقد تقدم ذكر وصوله إليها ودخل أيضا من أتراك مصر مملوك لتقي الدين ابن أخي صلاح الدين اسمه بوزابة فكثر جمعهم وقويت شوكتهم فلما اجتمعوا بلغت عدتهم مبلغا كثيرا وكلهم كاره لدولة الموحدين واتبعوا جميعهم علي ابن أسحق الملثم لأنه من بيت المملكة والرياسة القديمة وانقادوا إليه ولقبوه بأمير المسلمين وقصدوا بلاد إفريقية فملكوها جميعها شرقا وغربا إلا مدينتين تونس والمهدية فإن الموحدين أقاموا بها وحفظوها على خوف وضيق وشدة وانضاف إلى المفسد الملثم كل مفسد في تلك الأرض ومن يريد الفتنة والنهب والفساد والشر فخربوا البلاد والحصون والقرى وهتكوا الحرم وقطعوا الأشجار.
وكان الوالي على إفريقية حينئذ عبد الواد بن عبد الله الهنتاتي وهو بمدينة تونس فأرسل إلى ملك المغرب يعقوب وهو بمراكش يعلمه الحال، وقصد الملثم جزيرة باشرا وهي بقرب تونس تشتمل على قرى كثيرة فنازلها وأحاط بها فطلب أهلها منه الأمان فأمنهم فلما دخلها العسكر نهبوا جميع ما فيها من الأموال والدواب والغلات وسلبوا الناس حتى ثيابهم وامتدت الأيدي إلى النساء والصبيان وتركوهم هلكى فقصدوا مدينة تونس فأما الأقوياء فكانوا يخدمون ويعملون ما يقوم بقوتهم وأما الضعفاء فكانوا يستعطون ويسألون الناس ودخل عليهم فصل الشتاء،