فلما خلع عليه لقب الملك الناصر ولم يعطه أحد من أولئك الأمراء الذين يريدون الأمر لأنفسهم ولا خدموه وكان الفقيه عيسى الهكاري معه فسعى مع المشطوب حتى أماله إليه وقال له إن هذا الأمر لا يصل إليك مع عين الدولة والحارمي وغيرهما ثم قصد الحامي وقال هذا صلاح الدين هو ابن أختك وعزه وملكه لك وقد استقام له الأمر فلا تكن أول من يسعى في إخراجه عنه ولا يصل إليك فمال إليه أيضا ثم فعل مثل هذا بالباقين وكلهم أطاع غير عين الدولة الياروقي فإنه قال أنا لا أخدم يوسف وعاد إلى نور الدين بالشام ومعه غيره من الأمراء وثبت قدم صلاح الدين ومع هذا فهو نائب عن نور الدين.
وكان نور الدين يكاتبه بالأمير الأسفهسلار ويكتب علامته على رأس الكتاب تعظيما عن أن يكتب اسمه وكان لا يفرده بكتاب بل يكتب الأمير الأسفهسلار صلاح [الدين] وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا.
واستمال صلاح الدين قلوب الناس وبذل الأموال فمالوا إليه وأحبوه وضعف أمر العاضد ثم أرسل صلاح الدين بطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته وأهله فأرسلهم إليه وشرط عليهم طاعته والقيام بأمره ومساعدته وكلهم فعل ذلك وأخذ إقطاعات الأمراء المصريين فأعطاها أهله والأمراء الذين معه وزادهم فازدادوا له حبا وطاعة.
قد اعتبرت التواريخ فرأيت كثيرا من التواريخ الإسلامية التي يمكن ضبطها ورأيت كثيرا ممن يبتدى الملك تنتقل الدولة عن صلبه إلى بعض أهله وأقاربه منهم أول الإسلام معاوية بن أبي سفيان أول من ملك من أهل بيته فتنقل الملك من أعقابه بني مروان من بني عمه ثم من بعده السفاح أول من ملك من بني العباس انتقل الملك من أعقابه إلى أخيه