ينتظرون جوابه، وسار ذلك إلى القاصد إلى البئر البيضاء فلقيه إنسان تركماني فرأى معه نعلين جديدين فأخذهما منه وقال في نفسه لو كان مما يلبسه هذا الرجل لكانا خلقين فإنه رث الهيئة وارتاب به وبهما فأتى به صلاح الدين ففتقهما فرأى الكتاب فيهما فقرأه وسكت عليه.
وكان مقصود مؤتمن الخلافة أن يتحرك الفرنج إلى الديار المصرية فإذا وصلوا إليها خرج صلاح الدين في العساكر إلى قتالهم فيثور مؤتمن الخلافة بمن معه من المصريين على مخلفيهم فيقتلونهم ثم يخرجون بأجمعهم يتبعون صلاح الدين فيأتونه من وراء ظهره والفرنج من بين يديه فلا يبقى لهم باقية فلما قرأ الكتاب سأل عن كاتبه فقيل رجل يهودي فأحضر فأمر بضربه وتقريره فابتدأ وأسلم وأخبره الخبر وأخفى صلاح الدين الحال.
وأستشعر مؤتمن الخلافة استشعر فلازم القصر ولم يخرج منه خوفا وإذا خرج لم يبعد من [صلاح الدين] لا يظهر له شيئا من الطلب لئلا ينكر ذلك فلما طال الأمر خرج من القصر إلى قرية له تعرف بالحرقانية للتنزه فلما علم به صلاح الدين أرسل إليه جماعة فأخذوه وقتلوه وأتوا برأسه وعزل جميع الخدم الذين يتولون أمر قصر الخلافة واستعمل على الجميع بهاء الدين قراقوش وهو خصي أبيض وكان لا يجري في القصر صغير ولا كبير إلا بأمره فغضب السودان لقتل مؤتمن الخلافة للجنسية ولأنه كان يتعصب لهم فحشدوا وجمعوا فزادت عدتهم على خمسين ألفا،