وبث رسله في الآفاق مبشرين بذلك فإنه كان فتحا جديدا لمصر وحفظا لبلاد الشام وغيرها.
فأما أسد الدين فإنه وصل إلى القاهرة سابع جمادى الآخرة ودخل إليها واجتمع بالعاضد لدين الله وخلع عليه وعاد إلى خيامه بالخلعة العاضدية وفرح به أهل مصر وأجريت عليه وعلى عسكره الجرايات الكثيرة والإقامات الوافرة ولم يمكن شاور المنع عن ذلك لأنه رأى العساكر كثيرة مع شيركوه وهوى العاضد معهم فلم يتجاسر على إظهار ما في نفسه وشرع يماطل أسد الدين في تقرير ما كان بذل لنور الدين من المال وإقطاع الجند وإفراد ثلث البلاد لنور الدين وهو يركب كل يوم إلى أسد الدين ويسير معه ويعده ويمنيه (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا).
ثم أنه عزم على أن يعمل دعوة يدعو إليها أسد الدين والأمراء الذين معه ويقبض عليهم يستخدم من معهم من الجند فيمنع بهم البلاد من الفرنج فنهاه ابنه الكامل وقال له والله لئن عزمت على هذا الأمر لأعرفن شيركوه فقال له أبوه والله لئن لم نفعل هذا لنقتلن جميعا فقال صدقت ولأن نقتل ونحن مسلمون والبلاد إسلامية خير من أن نقتل وقد ملكها الفرنج فإنه ليس بينك وبين عود الفرنج إلا أن يسمعوا بالقبض على شيركوه وحينئذ لو مشي العاضد إلى نور الدين لم يرسل معه فارسا واحدا ويملكون البلاد فترك ما كان عزم عليه.
ولما رأى العسكر النوري مطل شاور خافوا شره فاتفق صلاح الدين