بناه لنفسه وقال لأبي القاسم بيني وبين أسد الدين شيركوه عهد من مات منا قبل صاحبه حمله إلى المدينة فدفنه بها في التربة التي عملها فإذا أنا مت فامض إليه وذكره فلما توفي سار أبو القاسم إلى شيركوه في المعنى فقال له شيركوه كم تريد فقال أريد أجرة جمل يحمله وجمل يحملني وزادي فانتهره وقال مثل جمال الدين يحمل هكذا إلى مكة وأعطاه مالا صالحا ليحمل معه جماعة يحجون عن جمال الدين وجماعة يقرؤون عليه بين يدي تابوته إذا حمل وإذا نزل عن الجمل وإذا وصل إلى مدينة يدخل أولئك القراء ينادون للصلاة عليه فيصلى عليه في كل بلدة يجتاز بها وأعطاه أيضا مالا للصدقة عنه فصلى عليه في تكريت وبغداد والحلة وفيد ومكة والمدينة وكان يجمع له في كل بلد من الخلق ما لا يحصى ولما أرادوا الصلاة عليه بالحلة صعد شاب على موضع مرتفع وأنشد بأعلى صوته:
(سري نعشه فوق الرقاب وطالما * سرى جوده فوق الركاب ونائله) (يمر على الوادي فتثني ماله * عليه وبالنادي فتثني أرامله) فلم تر باكيا أكثر من ذلك اليوم فطافوا به حول الكعبة وصلوا عليه بالحرم الشريف وبين قبره وقبر النبي، صلى الله عليه وسلم، خمسة عشر ذراعا.
وأما سيرته فكان رحمه الله أسخى الناس وأكثرهم بذلا للمال رحيما بالخلق متعطفا عليهم عادلا فيهم فمن أعماله الحسنة أنه جدد بناء