ولده أبي علي فلما اشتد مرض المقتفي وأيست منه أرسلت إلى جماعة من الأمراء وبذلت لهم الإقطاعات الكثيرة والأموال الجزيلة ليساعدوها على أن يكون ولدها الأمير أبو علي خليفة فقالوا كيف الحيلة مع ولي العهد فقالت إذا دخل على والده قبضت عليه وكان يدخل إلى أبيه كل يوم فقالوا لا بد لنا من أحد من أرباب الدولة فوقع اختيارهم على أبي المعالي ابن الكيا الهراسي فدعوه إلى ذلك فأجابهم على أن يكون وزيرا فبذلوا له ما طلب.
فلما استقرت القاعدة بينهم وعلمت أم أبي علي أحضرت عدة من الجواري وأعطتهن السكاكين وأمرتهن بقتل ولي العهد المستنجد بالله وكان له خصي صغير يرسله كل وقت يتعرف أخبار والده فرأى الجواري بأيديهن السكاكين ورأى بيد أبي علي وأمه سيفين فعاد إلى المستنجد وأخبره وأرسلته هي إلى المستنجد تقول له إن والده قد حضره الموت ليحضر ويشاهده فاستدعى أستاذ دار عضد الدولة وأخذه معه وجماعة من الفراشين ودخل الدار وقد لبس الدرع وأخذ بيده السيف فلما دخل ثار الجواري فضرب واحدة منهن فجرحها وكذلك أخرى وصاح ودخل أستاذ الدار ومعه الفراشون فهرب الجواري وأخذ أخاه أبا علي وأمه فسجنهما وأخذ الجواري فقتل منهن وغرق منهن ودفع الله عنه.
فلما توفي المقتفي لأمر الله جلس للبيعة فبايعه أهله وأقاربه وأولهم عمه أبو طالب ثم أخوه أبو جعفر بن المقتفي وكان أكبر من المستنجد ثم بايعه الوزير بن هبيرة وقاضي القضاة وأرباب الدولة والعلماء وخطب له يوم الجمعة ونثرت الدنانير والدراهم.