الإسلام. فإن المشركين قد استفحل أمرهم بالأندلس واستولوا على كثير من البلاد التي كانت بأيدي المسلمين وما يقاتلهم أحد مثلكم فبكم فتحت البلاد أول الإسلام وبكم يدفع عنها العدو الآن ونريد منكم عشرة آلاف فارس من أهل النجدة والشجاعة يجاهدون في سبيل الله فأجابوا بالسمع والطاعة فحلفهم على ذلك بالله تعالى وبالمصحف فحلفوا ومشوا معه إلى مضيق جبل زغوان.
وكان منهم إنسان يقال له يوسف بن مالك وهو من أمرائهم ورؤوس القبائل فيهم فجاء إلى عبد المؤمن بالليل وقال له سرا إن العرب قد كرهت المسير إلى الأندلس وقالوا ما غرضه إلا إخراجنا من بلادنا وأنهم لا يفون بما حلفوا عليه فقال يأخذ الله عز وجل الغادر فلما كان الليلة الثانية هربوا إلى عشائرهم ودخلوا البر ولم يبق منهم إلا يوسف بن مالك فسماه عبد المؤمن يوسف الصادق.
ولم يحدث عبد المؤمن في أمرهم شيئا وسار مغربا يحث السير حتى قرب من القسطنطينية فنزل في موضع مخصب يقال له وادي النساء والفصل ربيع والكلأ مستحسن فأقام به وضبط الطرق فلا يسير من العسكر أحد البتة وذام كذلك عشرين يوما فبقي الناس في جميع البلاد لا يعرفون لهذا العسكر خبرا مع كثرته وعظمه ويقولون ما أزعجه إلا خبر وصله من الأندلس فحث لأجله في السير فعادت العرب الذين جفلوا منه من البرية إلا البلاد لما أمنوا جانبه وسكنوا البلاد التي ألفوها واستقروا في البلاد.
فلما علم عبد المؤمن برجوعهم جهز إليهم ولديه أبا محمد وأبا عبد الله في ثلاثين ألف مقاتل من أعيان الموحدين وشجعانهم فجدوا السير وقطعوا المفاوز فما شعر العرب إلا والجيش قد أقبل بغتة من ورائهم من جهة