في صفر، فسار يطلب أفريقية واجتمع من العساكر مائة ألف مقاتل ومن الأتباع والسوقة أمثالهم وبلغ من حفظه لعساكره أنهم كانوا يمشون بين الزروع فلا تتأذى بهم سنبلة وإذا نزلوا صلوا جميعهم مع إمام واحد بتكبيرة واحدة لا يتخلف منهم أحد كائنا من كان.
وقدم بين يديه الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الصنهاجي وكان صاحب المهدية وأفريقية وقد ذكرنا سبب مصيره عند عبد المؤمن فلم يزل يسير إلى أن وصل إلى مدينة تونس في الرابع والعشرين من جمادى الآخرة من السنة وبها صاحبها أحمد بن خراسان وأقبل أسطوله في البحر في سبعين شينيا وطريدة وشلندى فلما نازلها أرسل إلى أهلها يدعوهم إلى طاعته فامتنعوا فقاتلهم من الغد أشد قتال فلم يبق إلا أخذها ودخول الأسطول إليها فجاءت ريح عاصف منعت الموحدين من دخول البلد فرجعوا ليباكروا القتال ويملكوه.
فلما جن الليل نزل سبعة عشر رجلا من أعيان أهلها إلى عبد المؤمن يسألونه الأمان لأهل بلدهم فأجابهم إلى الأمان لهم في أنفسهم وأهليهم وأموالهم لمبادرتهم إلى الطاعة وأما من عداهم من أهل البلد فيؤمنهم في أنفسهم وأهاليهم ويقاسمهم على أموالهم وأملاكهم نصفين وأن يخرج صاحب البلد هو وأهله فاستقر ذلك وتسلم البلد وأرسل إليه من يمنع العسكر من الدخول وأرسل أمناءه ليقاسموا الناس على أموالهم وأقام عليها ثلاثة أيام وعرض الإسلام على من بها من اليهود والنصارى فمن أسلم سلم ومن امتنع قتل وأقام أهل تونس بها بأجرة تؤخذ عن نصف مساكنهم.