راجل قصده وسلم عليه وقال له يا شيخ أنت معذور لكبر سنك ونحن نقوم بالذب على المسلمين وسأله أن يعود فلم يفعل وقال له قد بعت واشترى مني فوالله لا أقلته ولا استقلته يعني قول الله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة).
وتقدم فقاتل الفرنج حتى قتل عند النيرب نحو نصف ف سخ عن دمشق وقوي الفرنج وضعف المسلمون فتقدم ملك الألمان حتى نزل بالميدان الأخضر فأيقن الناس بأنه يملك البلد وكان معين الدين قد أرسل إلى سيف الدين غازي بن أتابك زنكي يدعوه إلى نصرة المسلمين وكف العدو عنهم فجمع عساكره وسار إلى الشام واصطحب معه أخاه نور الدين محمود من حلب فنزلوا بمدينة حمص وأرسل إلى معين الدين يقول له قد حضرت ومعي كل من يحمل السلاح من بلادي فأريد أن يكون نوابي بمدينة دمشق لأحضر وألقى الفرنج فإن انهزمت دخلت أنا وعسكري البلد واحتمينا به وإن ظفرنا فالبلد لكم لا أنازعكم فيه.
فأرسل إلى الفرنج يتهددهم إن لم يرحلوا عن البلد فكف الفرنج عن القتال خوفا من كثرة الجراح وربما اضطره إلى قتال سيف الدين فأبقوا على نفوسهم فقوي أهل البلد على حفظه واستراحوا من ملازمة الحرب وأرسل معين الدين إلى الفرنج الغرباء يقول لهم إن ملك المشرق قد حضر فإن رحلتم وإلا سلمت البلد إليه وحينئذ تندمون؛ وأرسل إلى فرنج الشام يقول لهم بأي عقل تساعدون هؤلاء علينا وأنتم تعلمون أنهم إن ملكوا دمشق أخذوا ما بأيدكم من البلاد الساحلية وأما أنا فإن رأيت الضعف عن حفظ البلد سلمته إلى سيف الدين وأنتم تعلمون أنه إن ملك دمشق لا يبقى لكم معه مقام في الشام فأجابوه إلى التخلي عن ملك الألمان