شيئا، فأمر الرجل الذي كان في الحمام صحبته أن يكتب بخطه إننا لما وصلنا جزيرة قوصرة وجدنا بها مراكب من صقلية فسألناهم عن الأسطول المخذول فذكروا أنه أقلع إلى جزائر القسطنطينية.
وأطلق الحمام فوصل إلى المهدية فسر الأمير الحسن والناس وأراد جرجي بذلك أن يصل بغتة ثم سار وقدر وصولهم إلى المهدية وقت السحر ليحيط بها قبل أن يخرج أهلها فلو تم له ذلك لم يسلم منهم أحد فقدر الله تعالى أن أرسل عليهم ريحا هائلا فلم يقدروا على السير إلا بالمقاذيف فطلع النهار ثاني صفر في هذه السنة قبل وصولهم فرآهم الناس فلما رأى جرجي ذلك وأن الخديعة فاتته أرسل إلى الأمير الحسن يقول إنما جئت بهذا الأسطول طالبا بثأر محمد بن رشيد صاحب قابس ورده إليها وأما أنت فبيننا وبينك عهود وميثاق إلى مدة ونريد منك عسكرا يكون معنا.
فجمع الحسن الناس من الفقهاء والأعيان وشاورهم فقالوا نقاتل عدونا فإن بلدنا حصين فقال أخاف أن ينزل إلى البر ويحصرنا برا وبحرا ويحول بيننا وبيت الميرة وليس عندنا ما يقوتنا شهرا فنؤخذ قهرا وأنا أرى سلامة المسلمين من الأسر والقتل خيرا من الملك وقد طلب مني عسكرا إلى قابس فإن فعلت فما يحل لي معونة الكفار على المسلمين وإن امتنعت يقول انتقض ما بيننا من الصلح وليس يريد إلا أن يثبطنا وحتى يحول بيننا وبين البر وليس لنا بقتاله طاقة والرأي أن نخرج بالأهل والولد وننزل عن البلد فمن أراد أن يفعل كفعلنا فليبادر معنا.