وأمر في الحال بالرحيل وأخذ معه من حضره وما خف حمله وخرج الناس على وجههم بأهليهم وأولادهم وما خف من أموالهم وأثاثهم ومن الناس من اختفى عند النصارى وفي الكنائس وبقي الأسطول في البحر تمنعه الريح من الوصول إلى المهدية إلى ثلثي النهار فلم يبق في البلد ممن عزم على الخروج أحد فوصل الفرنج ودخلوا البلد بغير مانع ولا دافع ودخل جرجي القصر فوجده على حاله لم يأخذ الحسن منه إلا ما خف من ذخائر الملوك وفيه جماعة من حظاياه ورأى الخزائن مملوءة من الذخائر النفيسة وكل شيء غريب يقل وجود مثله فختم عليه وجمع سراري الحسن من قصره.
وكان عدة من ملك منهم من زيري بن مناد إلى الحسن تسعة ملوك ومدة ولايتهم مائة سنة وثمانين سنة من إحدى وستين وثلاثمائة إلى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة وكان بعض القواد قد أرسله الحسن إلى رجار برسالة فأخذ لنفسه وأهله منه أمانا فلم يخرج معهم ولما ملك المدينة نهبت مقدار ساعتين ونودي بالأمان خرج من كان مستخفيا وأصبح جرجي من الغد فأرسل إلى من قرب من العرب فدخلوا إليه فأحسن إليهم وأعطاهم أموالا جزيلة وأرسل من جند المهدية الذين تخلفوا بها جماعة ومعهم أمان لأهل المهدية الذين خرجوا منها ودواب يحملون عليها الأطفال والنساء وكانوا قد أشرفوا على الهلاك من الجوع ولهم بالمهدية خبايا وودائع فلما وصل إليهم الأمان رجعوا فلم يمض غير جمعة حتى رجع أكثر أهل البلد.
وأما الحسن فإنه سار بأهله وأولاده وكانوا اثني عشر ولدا ذكرا غير الإناث وخواص خدمه قاصدا إلى محرز بن زياد وهو بالمعلقة فلقيه في طريقه أمير من العرب يسمى حسن بن ثعلب فطلب منه مالا انكسر له في