(و) على كل حال فقد بان لك أنه (لو ظهرت أمارات الفلس) عليه مثل أن يكون نفقته من رأس ماله، أو يكون ما في يده بإزاء دينه، ولا وجه لنفقته إلا ما في يده (لم يتبرع الحاكم بالحجر) عليه للأصل، فهو حينئذ كمن لم يظهر عليه أماراته، مثل أن يكون كسوبا ينفق من كسبه، خلافا للشافعي فجوز الحجر على من ظهرت عليه أمارات الفلس، ولا ريب في ضعفه، كضعف ما يحكى عنه أيضا من جواز الحجر على من ساوت أمواله ديونه.
(وكذا) لا يحجر عليه الحاكم (لو سأل هو الحجر) على نفسه، من دون التماس الغرماء، للأصل السالم عن المعارض، لكن استقرب في التذكرة جواز إجابته، لأن فيه مصلحة له، ببراءة ذمته، فكما يجاب الغرماء في ملتمسهم حفظا لحقوقهم، يجاب هو أيضا ليسلم من حق الغرماء، ومن الإثم بترك وفاء الدين، ولما روى عن النبي صلى الله عليه وآله (1) (أنه حجر على معاذ بالتماسه خاصة) وفيه أن الخبر لم يثبت من طرقنا فليس حجة، سيما مع كون المشهور كما في المسالك على خلافه. والأول اعتبار لا يصلح مدركا لحكم شرعي.
وما أبعد ما بينه، وبين المحدث البحراني الذي توقف في أصل الحجر بالفلس ولو مع الشرائط محتجا بأنه ليس في النصوص ما يدل عليه.
وفيه مع عدم انحصار الحجية فيها، بل الاجماع بقسميه هنا كاف في ذلك، على أن الموجود منها هنا غير خال من الاشعار، بل الظهور، سيما النبوي المتقدم آنفا، ففي موثق عمار (2) عن الصادق عليه السلام (كان أمير المؤمنين عليه السلام يحبس الرجل إذا التوى على غرمائه، ثم يأمر فيقسم ماله بينهم بالحصص، فإن أبا باعه فيقسمه بينهم)، فإن الأمر بقسمة ماله ظاهر في رفع اختياره في التحصيص لو أراده، بل هو ظاهر في رفع اختياره لو أراد التصرف فيه على وجه يخرجه عن ملكه، حتى لا يستحق الديانة منه، بل لعل المراد من قوله يحبس، المنع من التصرف.