(ويحتسب من جملة أمواله معوضات الديون) لأنها من أملاكها سيما فيما لا يكون لأهلها الرجوع فيها، كما أنه يحتسب أعواضها من ديونه، بلا خلاف أجده بيننا.
نعم عن بعض العامة أنها لا تقوم عليه، لأن لأربابها الرجوع فيها، فلا تحتسب من ماله ولا عوضها عليه من دينه، وفيه - مضافا إلى ما عرفت من أنه قد لا يكون لأربابها الرجوع، وثبوته بالفلس إنما يكون بعد التحجير لا قبله، على الأصح، كما ستعرف أنه لا يمنع ذلك من احتسابها من أمواله، بعد أن كانت من أملاكه، فمع عدم القصور بها تبقى حينئذ سلطنته على ماله، بل الظاهر بقاؤها إذا كانت له أموال مؤجلة بها يرتفع القصور، أو أموال غايبة، بل لو كانت على معسرين أمكن القول ببقاء السلطنة للأصل، لكنه لا يخلو من اشكال، ونحوهم من لا يتمكن من الاستيفاء منهم، ولو ظلما وكذا الأموال المغصوبة.
(الثالث: أن تكون حالة) لعدم الاستحقاق مع التأجيل. فلا يحجر عليه، وإن لم يف ماله بها لو حلت، للأصل، ولو كان بعضها حالا حجر عليه مع القصور، وسؤال أربابها، فيقسم ماله حينئذ بينهم، ولا يذخر للمؤجلة شئ حتى أعواضها ولا يدام الحجر عليه لها، كما لا يحجر بها ابتداء، ودعوى حلولها بالتحجير - كما عن الشافعي وأحمد ومالك - واضحة الفساد، لعدم الدليل القاطع، للأصل حتى القياس على الميت، لظهور الفرق بينهما ببقاء الذمة، وقابلية الاكتساب وغيرها، كما هو واضح.
(الرابع: أن يلتمس الغرماء أو بعضهم الحجر عليه) إذ الحق لهم، فلا يحجر عليه مع عدم التماس أحدهم، للأصل، إلا أن يكون الدين لمن هو وليه، من يتيم أو مجنون أو نحوهما، دون الغائب الذي لا ولاية له عليه بالنسبة إلى استيفاء دينه، بل يعتبر في التحجير عليه بالتماس البعض أن يكون دينه مقدارا يجوز الحجر به عليه للأصل وإن عم الحجر حينئذ له ولغيره، من ذي الدين الحال الذي يستحق المطالبة به، وبذلك افترق عن المؤجل، مع أنه لم يثبت التحجير لبعض الدين الحال، خلافا للتذكرة، فاستقرب جواز الحجر بالتماس البعض، وإن لم يكن دين الملتمس زائدا عن ماله، ولا دليل عليه يقطع الأصل، والضرر عليه يرتفع عنه باجبار الحاكم له على الوفاء.