يمكن القطع بعدمها في الثاني - أنه ينبغي أن يعلم أنه لا تأمل في جواز أخذ الأجرتين على الايجاب والقبول، بناء على صحة الاستيجار على مثله، خلافا للمحكي عن عميد الدين، فمنع الإجارة عليه لعدم كونه مما يستأجر عليه عادة، و ضعفه واضح.
فليس المراد حينئذ بعدم توليتهما الواحد أنه لا يجوز أخذ الجعلين لواحد على الايجاب من البايع وعلى القبول من المشتري.
ودعوى - أن ذلك عمل واحد فهي إجارة واحدة موزعة عليها - يدفعها أن ذلك تغيير لفظي، لا يليق حمل عبارات أعيان الأصحاب عليه، مع أنه يمكن منع كونه إجارة واحدة، بل هما عملان مستقلان قد يختلفان في الجعل، وقد يتفقان، وقد يجعل لأحدهما دون الآخر، بل المراد أنه لا يتولى الجعل على البيع وعلى الشراء، الواحد، ضرورة اقتضاء الجعل على البيع كونه جعلا على الأثر الحاصل من تمام الايجاب والقبول، وهو متحد بالنسبة إلى البايع والمشتري، فتحصيل قبول المشتري مستحق على الدلال بالجعل على البيع، فليس له أن يأخذ جعلا منه عليه وكذلك العكس، بل هو كما لو جعل له جعلا على بيعه من زيد الذي من الواضح عدم جواز أخذ جعل من زيد على شرائه له، والفرق بينه وبين ما يمكن فيه بالخصوصية وعدمها غير مجد، بعد اشتراك علة المنع.
فمن هنا قال الأصحاب: لا يتولاهما الواحد، أي لا يتولى الواحد الجعل على تمام البيع من البايع والمشتري، ولكن لا بأس بتولي الاثنين ذلك، على أن يأخذ كل منهما الجعل من كل منهما على تمام البيع، فيكون فعل كل منهما مقدمة لتحصيل الأثر للآخر الذي يستحق به الجعل على من جعل له فتأمل جيدا. فإنه دقيق نافع في عموم المنع لأفراد المسألة مضافا إلى ما يشعر به مرسل ابن أبي عمير (1) عن بعض أصحابنا (قال: اشتريت لأبي عبد الله عليه السلام جارية فناولني أربعة دنانير فأبيت قال: أما لتأخذنها فأخذتها، فقال: لا تأخذ من البايع).