(أما لو عاب بشئ من قبل الله سبحانه) وتعالى (أو جناية من المالك كان مخيرا بين أخذه بالثمن) مجانا (و) بين (تركه) والضرب مع الغرماء بالثمن، فإن المعلوم من قاعدة فسخ المعاوضة ايجاب رجوع كل مال إلى صاحبه عينا أو بدلا، وكون العين في يد المشتري غير مضمونة للبايع، معارض بماله قسط من الثمن، مع أنا لا نقول أنها مضمونة مطلقا، بل بمعنى أن الفائت في يد المشتري يكون من ماله، لأن ذلك هو مقتضى عقود المعاوضات المضمونة، فإذا ارتفع رجع كل من العوضين إلى مالكه أو بدله، وأما كون اليد لا قسط لها من الثمن، فإن أرادوا أن الثمن لم يبذل في مقابلتها منه شئ ففساده ظاهر، إذ لولاها لم يبذل جميعه قطعا، وإن أرادوا أن الثمن لا يتقسط عليها وعلى باقي الأجزاء على نسبة الكثرة والقلة، كالعشر في متساوي الأجزاء فهو لا يدل على مطلوبهم.
كل ذلك مع منافاة تعليلهم لما حكموا به من الأرش في جناية الأجنبي، وإن كان قد أخذه المشتري، ضرورة أنه أخذه والعين ملك له، ولم تكن مضمونه عليه للبايع، وكون الأرش جزءا من المبيع وقد أخذه المشتري - فلا يضيع على البايع بخلاف التعيب بالآفة السماوية التي لم يكن لها عوض - لا يجدي بعد عدم كون العين مضمونة، ومن هنا كان خيرة المحقق الثاني الرجوع بالأرش مطلقا، بعد أن حكاه عن ابن الجنيد، وأن المصنف في المختلف قواه، واستحسنه الشهيد الثاني، وقد عرفت أن كلام ابن الجنيد أجنبي عن ذلك، وأن ظاهره عدم الفسخ مطلقا، وإنما يأخذ الموجود بالقيمة، وفاء عن دينه، فإن بقي له من الثمن شئ ضرب مع الغرماء.
وأما ما سمعته من الأصحاب فقد يقال: إن الموافق للضوابط عدم استحقاق الأرش أصلا، إذ هو كنماء الملك يستحقه المشتري، والشارع إنما جعل له الفسخ في الموجود من ماله، ففسخ العقد يوجب رجوع هذا المال إليه، لأنه الموجود دون غيره، والفرض أن التالف ليس مما يمكن بناء العقد بالنسبة إليه، حتى يستحق ما يقابله من الثمن، بل قد عرفت أن صفة الصحة والعيب ليست هي إلا كصفة الكتابة والعلم ونحوهما مما لا تقابل بأجزاء الثمن، وإن زاد بسببها، فإن زيادته بها أعم من مقابلته