يستحقرون فقه أصحابنا الإمامية، ويستنزرونه، وينسبونهم إلى قلة الفروع وقلة المسائل، ويقولون: إنهم أهل حشو ومناقضة، وإن من ينفي القياس والاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل ولا التفريع على الأصول لأن جل ذلك وجمهوره مأخوذ من هذين الطريقين، وهذا جهل منهم بمذاهبنا وقلة تأمل لأصولنا، ولو نظروا في أخبارنا وفقهنا لعلموا أن جل ما ذكروه من المسائل موجود في أخبارنا ومنصوص عليه تلويحا عن أئمتنا الذين قولهم في الحجة يجري مجرى قول النبي صلى الله عليه وآله إما خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا.
وأما ما كثروا به كتبهم من مسائل الفروع. فلا فرع من ذلك إلا وله مدخل في أصولنا ومخرج على مذاهبنا لا على وجه القياس بل على طريقة يوجب علما يجب العمل عليها ويسوغ الوصول [المصير خ ل] إليها من البناء على الأصل، وبراءة الذمة وغير ذلك مع أن أكثر الفروع لها مدخل فيما نص عليه أصحابنا، وإنما كثر عددها عند الفقهاء لتركيبهم المسائل بعضها على بعض وتعليقها والتدقيق فيها حتى أن كثيرا من المسائل الواضحة دق لضرب من الصناعة وإن كانت المسألة معلومة واضحة، وكنت على قديم الوقت وحديثه منشوق النفس إلى عمل كتاب يشتمل على ذلك تتوق نفسي إليه فيقطعني عن ذلك القواطع وشغلني [تشغلني خ ل] الشواغل، وتضعف نيتي أيضا " فيه قلة رغبة هذه الطايفة فيه، وترك عنايتهم به لأنهم ألقوا الأخبار وما رووه من صريح الألفاظ حتى أن مسألة لو غير لفظها وعبر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم لعجبوا [تعجبوا خ ل] منها وقصر فهمهم عنها، وكنت عملت على قديم الوقت كتاب النهاية، وذكرت جميع ما رواه أصحابنا في مصنفاتهم وأصولها من المسائل وفرقوه في كتبهم، ورتبته ترتيب الفقه وجمع من النظائر، ورتبت فيه الكتب على ما رتبت للعلة التي بينتها هناك، ولم أتعرض للتفريع على المسائل ولا لتعقيد الأبواب وترتيب المسائل وتعليقها والجمع بين نظايرها بل أوردت جميع ذلك أو أكثره بالألفاظ المنقولة حتى لا يستوحشوا من ذلك، وعملت بآخره مختصر جمل العقود في العبادات سلكت فيه طريق الإيجاز و الاختصار وعقود الأبواب فيما يتعلق بالعبادات، ووعدت فيه أن أعمل كتابا " في الفروع