وشاء الله أن يكون منهم في كل عصر وجيل شموسا يزيل بهم غواسق الظلم، ويجعلهم للمتقين إمام، ولإقامة الحق وإعلاء كلمة التوحيد أعلاما يرحضون معرة باطل أهل الضلال، ويوقظون شعور الأمة لحفظ الشريعة عن التحريف والتبديل.
وقاموا وجهدوا جهادا علميا، ونهضوا بأعباء واجبهم الديني ينفون عن دين الحق تأويل المبطلين، ويوضحون طريق الحق، ويبينون كل فرية شائنة.
وما يناسب المقام البحث عنه من افترائاتهم ما طعنوا عليهم بقلة الفروع وقلة المسائل ومخالفة الاجماع، وقد أجاب عن هذه الفرية الشنيعة السيد المرتضى علم الهدى عليه الرحمة: قال في مقدمة كتابه الانتصار ما لفظه:
أما بعد فإني ممتثل لما رسمته الحضرة السامية الوزيرية العميدية - أدام الله سلطانها وأعلا أبدا شأنها ومكانها - من بيان المسائل الفقهية التي يشنع بها على الشيعة الإمامية وادعى عليهم مخالفة الاجماع وأكثرها موافق فيه الشيعة غيرهم من العلماء والفقهاء المتقدمين أو المتأخرين، وما ليس لهم فيه موافق من غيرهم فعليه من الأدلة الواضحة والحجج اللايحة ما يغني عن وفاق الموافق ولا يوحش معه خلاف المختلف.
إلى أن قال: فكيف جازت الشناعة على الشيعة بالمذاهب التي تفردوا بها ولم يشنع على كل فقيه كأبي حنيفة والشافعي والمالكي ومن تأخر عن زمانهم بالمذاهب التي تفرد بها وكل الفقهاء على خلافه فيها؟ وما الفرق بينما تفردت به الشيعة منا لمذاهب التي لا موافق لهم فيها وبين ما انفرد به أبو حنيفة والشافعي من المذاهب التي لا موافق لهم فيها؟
فإن قالوا: الفرق بين الأمرين أن كل مذهب تفرد به أبو حنيفة فله موافق من فقهاء أهل الكوفة فيه أو من السلف المتقدم، وكذلك ما تفرد به الشافعي له فيه موافق من أهل الحجاز ومن السلف، وليس كذلك الشيعة.
قلنا: ليس كل مذهب تفرد به أبو حنيفة أو الشافعي يعلم أن أهل الكوفة و أهل الحجاز أو السلف قائلون به، وإن ادعى ذلك دون ما هو معلوم مسلم غير منازع فيه فالشيعة أيضا تدعي وتروي أن مذاهبها التي انفردت بها هي مذاهب جعفر بن محمد الصادق