إن لم يكن موسرا وكان قد مات فقد تلف المال من المساكين ولا ضمان على الإمام لأنه أمين.
وإذا تولى الرجل اخراج صدقته بنفسه فدفعها إلى من ظاهره الفقر. ثم بان أنه غني فلا ضمان عليه أيضا لأنه لا دليل عليه فإن شرط حالة الدفع أنها صدقة واجبة استرجعها سواء كانت باقية أو تالفة، فإن لم يقدر على استرجاعها فقد تلف من مال المساكين. وقيل: إنه تلف من ماله لأنه يمكنه اسقاط الفرض عن نفسه بدفعها إلى الإمام، والأول أولى، وأما إن دفعها مطلقا أو لم يشترط أنها صدقة واجبة فليس له الاسترجاع لأن دفعه محتمل للوجوب والتطوع فما لم يشترط لم يكن له الرجوع وإذا دفعها إلى من ظاهره الاسلام. ثم بان أنه كان كافرا أو إلى من ظاهره الحرية فبان أنه كان عبدا أو إلى من ظاهره العدالة. ثم بان أنه كان فاسقا أو بان أنه من ذوي القربى كان الحكم فيه مثل ما قلناه في المسألة الأولى.
ومتى لم يأت السعاة أو يكون في وقت لا يكون فيه إمام فعلى رب المال أن يتولى تفرقتها بنفسه، ولا يدفعها إلى سلطان الجور. فإن أخرج رب المال الزكاة ثم جاء الساعي وادعى رب المال أنه أخرجها صدقه الساعي وليس عليه يمين لا واجبة ولا مستحبة، وأهل السهمان لا يستحقون شيئا من مال الصدقة إلا بعد القسمة لأنه لا يتعين مستحقهم سواء كانوا كثيرين في بلد كبير أو قليلين في بلد صغير، ومتى مات واحد منهم لم ينتقل حقه إلى ورثته لأنهم لم يتعينوا لأن لرب المال والإمام أن يخص بها قوما دون قوم ويحمل إلى بلد آخر بشرط الضمان، وينبغي لوالي الصدقة أن يسم كل ما أخذ منها من إبل الصدقة وبقرها وغنمها لما روي أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسم إبل الصدقة ولأنها إذا وسمت تميزت من غيرها في المرعى والمشرب، و ينبغي أن يسمها في أقوى موضع وأصلبه وأعراه من الشعر لئلا يضر الوسم بالحيوان و يظهر السمة فالإبل والبقر توسم في أفخاذها والغنم في أصول آذانها ويكون ميسم الإبل والبقر أكبر من ميسم الغنم لأنها أضعف، ويكتب في الميسم إذا كان إبل الصدقة صدقة أو زكاة، وإن كان للجزية جزية أو شعار، ويكتب لله فإن فيه تبركا باسم الله تعالى.