يقتضي جواز الهجاء بعد فرض اختصاصه بالشعر، ودعوى كون التعارض من وجه بناء على كون الهجاء أعم من الغيبة بعد فرض تسليمها يمكن دفعها بترجيح دليل الحرمة باعتضاده بما عرفت.
نعم لو دخل هجاء الفاسق في النهي عن المنكر، بحيث يتوقف ردعه عليه، ففي المسالك أمكن جوازه حينئذ إن فرض، وإليه أشار شيخنا في شرحه بقوله، لو كان الهجاء لمصلحة عظيمة أو دفع مفسدة عن المهجو دنيوية، كدفع الهلكة عن نفسه أو المؤاخذة بعد الحلول في رمسه بالنهي عن الفساد ولو بالهجو على رؤس الأشهاد، ولعل ذلك كله ترجيحا لما دل على النهي عن المنكر مثلا، على ما دل على حرمة الهجو وهو لا يخلو من إشكال سيما بالنسبة إلى بعض الأفراد، كالاشكال فيما لو أريد من ذلك تعميم الحكم لكل محرم عدا القتل توقف عليه دفع المنكر، ولكن من المعلوم إرادة اعتبار الميزان، كمعلومية تفاوت حرمة الهجو شدة وضعفا، بحسب حال المهجو ونفس الهجو ونحوهما، بل في شرح الأستاذ أنه كلما كان الشعر أجود كان الوزر أشد كما أن مسجع النثر وأفصحه أشد إثما من غيره، هذا كله في المؤمنين.
أما المشركون فلا إشكال كما لا خلاف في جواز هجوهم وسبهم ولعنهم وشتمهم ما لم يكن قذفا مع عدم شرائطه أو فحشا (1) (وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله حسانا يهجوهم وقال: إنه أشد عليهم من رشق النبال) نعم لو رجعوا عن عقيدتهم، لزم محوه إن كان قد نقش، بناء على وجوب محو كتابة هجو المؤمن، كما صرح به الأستاذ في شرحه، قال: ومن كتب هجو المؤمن في ديوانه وجب عليه كفاية محوه ووجب على الناس ردعه، وإن كان لا يخلو من إشكال في الجملة