للتعريف بعقيدته ومذهب عائلته فيما قبل الهجرة إلى بغداد. مع أن أسماء آبائه أيضا يؤيد ذلك. وجميع من كتب عن الشيخ الطوسي من علماء الشيعة أكدوا انتمائه إلى هذا المذهب من أول شبابه، وهذا عندهم من المسلمات، ولم يقل أحد منهم خلافه.
إلا أن عديدا من أهل السنة نسبوه إلى المذهب الشافعي على اختلاف تعابيرهم.
والظاهر أن المدعي الأول لهذا الرأي هو تاج الدين السبكي (5) في " طبقات الشافعية " فيقول ما حاصله: " أبو جعفر الطوسي فقيه الشيعة ومصنفهم كان ينتسب إلى مذهب الشافعي... ورد بغداد، وتفقه على مذهب الشافعي، وتعلم الكلام والأصول عند أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، المعروف بالمفيد، فقيه الإمامية... " (6) وبعد السبكي قال العلامة السيوطي في كتابه " طبقات المفسرين ": " محمد بن الحسن بن علي أبو جعفر شيخ الشيعة وعالمهم... ورد بغداد، وتفقه في فنون الفقه على مذهب الشافعي، فلا زم الشيخ المفيد فصار على أثره رافضيا (7) وممن صرح أخيرا بذلك الكاتب الشلبي في " كشف الظنون " فقال: " كان ينتمي إلى مذهب الشافعي " إلا أن الشلبي قد خلط ما بين الطوسي وأمين الإسلام الطبرسي، كما أنه خلط أيضا بين تفسير " التبيان " للطوسي، وتفسير " مجمع البيان " للطبرسي، بالإضافة إلى أخطاء أخر صدت منه في هذا الصدد وهنا يطرح هذا السؤال نفسه: ما السبب في نسبة الشيخ إلى مذهب الشافعي على لسان عديد من علماء السنة فقط؟ ولماذا امتنع علماء الشيعة من ذكره؟ فسكتوا عنه؟ لعل قائلا يقول إن السبب الوحيد هو التعصب والطائفية، لكنه قول باطل، إذ لو كان الشيخ شافعيا في بدء أمره فانتقل إلى التشيع، لكان ذلك مفخرة للشيعة وليس عارا عليهم، لأنه قبل كل شئ دليل على أصالة هذا المذهب وقوته. مع أن علماء الشيعة لم يتحاشوا عن الاعتراف بذلك في ترجمة علماء كبار أمثال " ابن قبة " (8) و " العياشي " (9) فانتقال رجل معروف وعالم كبير مثل الشيخ الطوسي ولو في أوائل أمره من مذهب الشافعي إلى المذهب الشيعي،