كما يقول النجاشي (59) ولكن. ومع الاعتراف بذلك، فلا شك في أن الزعامة ورياسة المذهب انتقلت بعد المفيد إلى تلميذه الأكبر الشريف المرتضى رضي الله عنه.
وكما مر معنا فإن أسرة السيد كانت من ذي قبل، ذات اعتبار ومكانة لدى الخلفاء العباسيين، وكان السيد المرتضى حين ذاك أكبر شخصية في هذه الأسرة بعد وفاة أبيه أبي أحمد النقيب عام 400 ه. وبعد وفاة المفيد ضمت إلى هذا المجد والعزة رياسة المذهب والمرجعية العلمية فبلغت بها إلى ذروة مجدها.
كان السيد المرتضى وحيد عصره في فنون الأدب، والشعر، والكلام، والاطلاع على الآراء والمذاهب والملل والنحل، وإن الله سبحانه وتعالى قد أتم عليه النعمة وأكمل له الرحمة وأسبغ عليه من فضله في شتى الجهات. وقد قال فيه معاصره الثعالبي: " انتهت الرياسة اليوم ببغداد إلى المرتضى في المجد والشرف والعلم والأدب والفضل والكرم، وله شعر في نهاية الحسن... " (60) ووصفه أبو العباس النجاشي تلميذه بقوله: " أبو القاسم المرتضى حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد في زمانه، وسمع من الحديث فأكثر، وكان متكلما، شاعرا، أديبا، عظيم المنزلة في العلم والدين والدنيا... ". (61) وكذلك يقول عنه تلميذه الآخر الشيخ الطوسي في كتاب رجاله، والسيد حي بعد: " علي بن الحسين الموسوي يكنى أبا القاسم الملقب بالمرتضى، ذو المجدين علم الهدى أدام الله أيامه، أكثر أهل زمانه أدبا وفضلا، متكلم فقيه جامع للعلوم كلها مد الله في عمره... " (62) وقال الطوسي في ترجمة السيد بعد وفاته في كتابه الفهرست: "... الأجل المرتضى رضي الله عنه، متوحد في علوم كثيرة، مجمع على فضله، مقدم في العلوم: مثل علم الكلام، والفقه، وأصول الفقه، والأدب، والنحو، والشعر، ومعاني الشعر، واللغة وغير ذلك، وله ديوان شعر يزيد على عشرين ألف بيت. وله من التصانيف ومسائل البلدان شئ كثير... " (63)