فرعون برشيد) * (11) هود: 97) فإن جمعه في جهة الحقيقة أوامر، وفي الفعل أمور. ولا نقول إن المجاز لا يجمع والحقيقة تجمع، كما ذكر بعضهم، إذ الاجماع منعقد على التجوز بلفظ الحمار عن البليد، مع صحة تثنيته وجمعه، حيث يقال حماران وحمر.
فإن قيل اختلاف الجمع لا يدل على التجوز في المسمى المذكور، لجواز أن يكون حقيقة فيه، واختلاف الجمع بسبب اختلاف المسمى.
قلنا: الجمع إنما هو للاسم، لا للمسمي فاختلافه لا يكون مؤثرا في اختلاف الجمع.
ومنها أن يكون الاسم موضوعا لصفة، ولا يصح أن يشتق لموضوعها منها اسم، مع عدم ورود المنع من الاشتقاق، فيدل على كونه مجازا، وذلك كإطلاق اسم الامر على الفعل. فإنه لا يشتق لمن قام به منه اسم الآمر. بخلاف اسم القارورة، فإنه لا يطلق على الكوز والجرة بطريق الاشتقاق من قرار المائع فيه، مع كون اسم القرار فيه حقيقة كما اشتق في الزجاجة المخصوصة لورود المنع من أهل اللغة فيه.
فإن قيل: هذا ينتقض باسم الرائحة القائمة بالجسم، فإنه حقيقة مع عدم الاشتقاق.
قلنا: لا نسلم عدم الاشتقاق. فإنه يصح أن يقال للجسم الذي قامت به الرائحة متروح.
ومنها أن يكون الاسم مضافا إلى شئ حقيقة، وهو متعذر الإضافة إليه، فيتعين أن يكون مجازا في شئ آخر، وذلك كقوله تعالى: * (واسأل القرية) * (12) يوسف: 82).
فإن قيل: لا يدل ذلك على كونه مجازا في الغير، لجواز أن يكون مشتركا، وتعذر حمل اللفظ المشترك على بعض محامله لا يوجب جعله مجازا في الباقي.
قلنا: هذا مبني على القول بالاشتراك، وهو خلاف الأصل، والمجاز، وإن كان على خلاف الأصل، إلا أن المحذور فيه أدنى من محذور الاشتراك على ما يأتي،